“قد تكون المبادرة الفرنسية الفرصة الإنقاذية الأخيرة بالنسبة إلى لبنان.” هذا ما أكدّته مرجعية سياسية لـ”لبنان24″، إستنادًا إلى مروحة من الإتصالات بالجهات المعنية بهذه المبادرة، التي يجب على اللبنانيين عدم إضاعتها وعدم التعامل معها وكأنها من قبيل “التحصيل الحاصل”.
صحيح أن فرنسا حريصة على مستقبل لبنان ومصيره، وقد يكون حرصها هذا أشدّ من حرص بعض اللبنانيين، الذين لا يفكّرون إلا بمصالحهم الخاصة والشخصية، على رغم كل هذه المآسي التي يعيشها الوطن، إذ لم يكن يكفيه الأزمات الإقتصادية والمالية، التي يعاني منها نتيجة الممارسات الشخصانية وغير المسؤولة، حتى جاء إنفجار الإهمال ليزيد من بؤس لبنان بؤسًا.
وصحيح أيضًا أن دول العالم كلها تقريبًا وقفت إلى جانب لبنان في محنته ومدّته بالمساعدات الفورية والضرورية لكي يستطيع أن يلملم جراحه، ولكن ما هو أكثر صحة أن فرنسا، التي لم تترك لبنان يومًا، كانت من بين أكثر الدول التي يهمّها أن يستطيع لبنان الخروج من محنته الكارثية لكي يدخل في عملية إصلاحية جدّية، والتي من أجل هذه الغاية جاء الرئيس ماكرون إلى بيروت لكي يقول للبنانيين بكل صراحة ووضوح أن عليهم أن يساعدوا أنفسهم قبل أن يطلبوا مساعدة الآخرين، الذين لا يستطيعون أن يحّلوا مكانهم مهما بلغت محبتهم لوطن الرسالة.
لقد جاء الرئيس الفرنسي إلى لبنان ووضع النقاط على الحروف، وهو سيعود مجدّدًا في أوائل أيلول المقبل لكي يقول أن فرنسا ستقف إلى جانب لبنان ولكنها لا يمكنها أن تحّل محله، وأن على اللبنانيين أن يعيدوا النظر في كل المسارات، التي كانوا يتبعونها في السابق، والتي لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التدهور والإنهيار، وأن عليهم أن يبدّلوا من نمط تعاطيهم مع ملفاتهم الداخلية وأن يغيروا سلوكهم القديم، وأن يكونوا منفتحين على ما يمكن أن ينقذ بلدهم.
وفي رأي هذه المرجعية السياسية أنه في حال أفشل اللبنانيون، أي السياسيون في لبنان، المبادرة الفرنسية فإن لا أحد بعد اليوم سيقف إلى جانبهم في محنهم السياسية والإقتصادية والمالية والإجتماعية، لأن المبادرة الفرنسية ستكون آخر المبادرات، وهذا ما يحتم على الجميع التنازل عن مكاسبهم الشخصية وحصر إهتمامهم بالوسائل المتاحة، التي من خلالها يمكن إنقاذ لبنان، أو بالأحرى وضعه على السكة الصحيحة، لأن الإنقاذ يحتاج إلى الكثير من الجهود والتضحيات ونكران الذات ونبذ “الأنا” القاتلة.
وفي ما يشبه الصرخة المدّوية نبّهت هذه المرجعية من خطورة إسقاط المبادرة الفرنسية، أو دفع فرنسا بالممارسات الخاطئة إلى أن تسقط لبنان من حساباتها، لأن لفرنسا همومًا غير الهمّ اللبناني. فإذا لم يتوافق اللبنانيون في الفترة الفاصلة بين اليوم وموعد عودة الرئيس ماكرون على الأسس العامة لمرحلة الإنقاذ فإن ذلك سيكون بمثابة الحكم على لبنان بأن يبقى في الهاوية من دون أن يرى أحدًا يقف إلى جانبه لمؤازرته ومساعدته على النهوض من كبواته الكثيرة.