مستقبل لبنان يُرسَم حالياً لما بعد عقود طويلة من الزّمن، ولا يُمكن الإستخفاف بما يحصل. ولكن المشكلة تعود الى النّقطة نفسها، وهي غياب سلطة سياسية داخلية على قدر مستوى ما يدور من مناقشات حول الملف اللّبناني، في أكبر عواصم القرار الدولي.
مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي كيلي كرافت، أكدت أنه يتوجب على أي حكومة لبنانية أن تمنع “حزب الله” من حيازة أسلحة، وهو ما يُعطي فكرة واضحة عن شكل المحادثات التي يقوم بها المجتمع الدولي مع مكوّنات السلطة اللّبنانية في الوقت الراهن.
فهل يكون البيان الوزاري للحكومة الجديدة سبباً لحرب إقليمية كبيرة، خصوصاً أنه مُثقَل بمستجدات ترسيم الحدود، وشكل التجديد لمهام قوات “يونيفيل” المُرتقَب، بالإضافة الى انعكاسات انفجار مرفأ بيروت عليه.
رجّح سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن “يكون كلام مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن حول سلاح “حزب الله” موجّهاً الى “الحزب” نفسه، على ضوء الحوار الدولي بين الغرب وبينه في الوقت الراهن، وهو ما ظهر بوضوح عندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ممثّلاً عن “الحزب” الى اجتماعه مع القيادات اللّبنانية يوم الخميس الماضي”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “يظهر أن تفاهماً يحصل مع “حزب الله” على أن يساعد على حلّ الأزمة في لبنان، وربما يكون ذلك مقابل فرض عقوبات صارمة عليه أكثر، إذا لم يلتزم بذلك. ومن هذا المنطلَق، قد تكون كرافت رفعَت السّقف بكلامها في مجلس الأمن، في رسالة الى “الحزب”، لا سيّما أن القيادات المحلية في لبنان غير قادرة على فعل شيء في هذا الملف”.
وأوضح:”قد يطلب المجتمع الدولي من السلطات اللّبنانية أن لا يكون “حزب الله” هو الآمر النّاهي في تشكيل الحكومة الجديدة، وفي برنامجها، ولكن لن يطلب منهم أن يحلّوا مشكلة “الحزب”. ولا أعتقد أن الأوروبيين تحديداً يطلبون ذلك، لأنهم يحلّون مشكلة “الحزب” مع إيران، على مستوى مختلف”.
وشدّد طبارة على “ضرورة انتظار قدوم وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الذي يُعتَبَر جوهرة في وزارة الخارجية الأميركية، ومرجعية في ملفات الشرق الأوسط. فقدومه الى لبنان، وماكرون من قبله وفي أيلول القادم، يؤكّد أن شيئاً ما يُطبَخ، على مستوى الأشخاص الأساسيين في المنظومة اللّبنانية الجديدة. ومن المرجّح أن تكون الأمور وصلت الى هذا الحدّ، خصوصاً أن القوى الدولية، ونظراً لمصالحها الخاصّة، لا تريد انهيار لبنان، وصارت خائفة من ذلك لأنه سيجعل اللّاجئين السوريين يذهبون الى سوريا، مع التداعيات الكارثية لذلك الآن، وقلقة من ظهور “داعش” في شمال لبنان، فيما همّ الولايات المتحدة في الأساس هو أن لا يشكّل أي انهيار لبناني تهديداً لأمن إسرائيل. ولذلك، يأتي الجميع لوضع أيديهم في لبنان”.
وأكد أن “نوعية الموفدين والزائرين الدوليين، تُظهِر جدية التعاطي الدولي مع الملف اللّبناني، أكثر بكثير ممّا كانت عليه في الماضي، وهو ما يعني أنهم سيساعدون في تشكيل الحكومة الجديدة”.
وقال:”الأميركيون لا يتدخلون في العادة عبر القول نريد هذه الشخصية أو تلك، ولكنّهم يقولون لا نريد هذا أو ذاك، أي انهم يضعون “فيتوات” على شخصيات أو جهات أو منظومة معيّنة في هذه الدولة أو تلك، دون الدخول في أسماء. فالى أين وصلت الأمور اليوم، خصوصاً أن هيل يعرف كلّ شيء عن المسؤولين اللّبنانيين، وتفاصيل دقيقة عن الملف اللّبناني. وهو قد يأتي بأسماء معيّنة لتشكيل الحكومة الجديدة، أو ربما بخطوط حمراء كبيرة حول تشكيلها”.
وأشار طبارة الى أن “ما قاله ماكرون عن تشكيل حكومة وحدة وطنية قد لا تكون كما نفهمها نحن، بل حكومة جامعة لا يسيطر عليها أي حزب أو مجموعة في لبنان”.
وتابع:”فكرة المجتمع الدولي الأساسية هي أن الحكومة اللّبنانية المستقيلة كانت ستجعل لبنان ينهار، وتدفعه الى نوع من حرب أهلية ربما. ومن هنا، عملَت كلّ الدول على تغييرها، وذلك بمعزل حتى عن انفجار مرفأ بيروت.
وختم:”التحرك الدولي في لبنان، وحركة الزائرين، لا تظهر في فلك من لديه معلومات مؤكدة حول أسباب انفجار بيروت، وهو يتحرّك من ضمنها، إذ إن فرضيات كثيرة حول ما جرى تصدر عن منصّات غير موثوقة، فيما البنتاغون مثلاً لم يُصدِر أي شيء مؤكَّد حتى الساعة، في شأنه”.
المصدر: أخبار اليوم