في حديث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته الى لبنان لم يكن هناك اي تصريح يقلق “حزب الله”، بل على العكس رفض ماكرون انتخابات نيابية مبكرة، ودعا الى حكومة وحدة وطنية، لكن الاهم هو حديثه عن اسقاط النظام وتأسيس عقد سياسي جديد، بمعنى آخر مؤتمر تأسيسي.
هذا المؤتمر الذي كان دعا اليه امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل نحو ١٠ سنوات ثم تراجع عنه بعدما لاقى رفضا كبيرا لدى الافرقاء السياسيين، يرضي الحزب بل يكاد يشكل احد اهم مطالبه الاستراتيجية لانه يعيد رسم موقع الحزب او الطائفة الشيعية من النظام السياسي في لبنان.
لكن لماذا تأتي فرنسا بهذه المبادرة المدعومة اميركيا؟ ولماذا تتراجع واشنطن عن ضغوطها القصوى على لبنان فجأة؟ وما الثمن الذي تريده لتعطي الحزب ما لا يعطى؟
طبعا تسعى واشنطن الى تهدئة الانهيار في لبنان لكي لا يصل الى الإنهيار الكامل والشامل، وهذا جزء من اسباب تراجعها التكتيكي، لكن المبادرة الفرنسية التي لم تنضج بعد والتي ستشمل المؤتمر التأسيسي، ربما، لا يمكن ان يكون من دون ثمن.
بالتزامن مع الطرح الفرنسي برز عامل مهم هو انتهاء جزء اساسي من الاشكاليات العالقة على الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، كما برز خطاب يطالب بتدويل المرفأ، الامر الذي يوحي بأن هناك من يريد الايحاء بضرورة انهاء نقاط الاشتباك مع اسرائيل وضبط الجبهة الى حدود واسعة.
من الواضح ان احدا لن يدخل في مفاوضات مع “حزب اللهط حول سلاحه الدقيق، لكن هناك سعي للالتفاف على هذا السلاح من خلال انهاء الصراع عبر اتفاق ضمني يحل ازمة النفط وترسيم الحدود ويضمن مراقبة المرفأ والمطار، مقابل ذلك يحصل “حزب الله” على مكاسب جدية في السلطة السياسية اضافة الى اغراءات مالية جدية للساحة اللبنانية.
لا يمكن القول ان الاميركيين تراجعوا وسيعيدون احياء الاقتصاد اللبناني من دون اثمان حقيقية، وهذه الاثمان لم تؤخذ بعد، لكن التفاوض سيحصل من دون اللجوء الى انهيار لبنان بشكل كامل، وضمن احترام الخصوصية السياسية لهذا البلد الهشّ…