للذين يطالبون بإستقالة رئيس الحكومة حسّان دياب، الذي ركب النحس لبنان منذ اللحظة الأولى لمجيئه على رأس حكومة “مش معروف كوعا من بوعا”، طمنوا بالكم هذا الرجل لن يستقيل.
حسّان دياب لن يتخلى عن كرسي الرئاسة الثانية حتى ولو طبّقت السماء على الأرض.
حسّان دياب لن يرحل عن السراي الحكومي بطيبة خاطره أو بسهولة.
حسّان دياب باقٍ باقٍ باقٍ حتى ولو ضرب زلزال كزلزال 4 آب كل لبنان وليس فقط بيروت.
حسّان دياب سيبقى متشبثًا بالكرسي حتى ولو لم يبق في لبنان مخبّر.
الذين يعرفون الرجل عن قرب يؤكدون أن تركيبته الشخصية لن تسمح له بالتنازل عمّا يعتبره مكسبًا لم يكن يحلم به.
إرتفاع منسوب “الأنا” عنده تحجب الرؤية لديه فلا يعود يرى سوى هذه “الأناء”.
هذا الذي يدّعي المسؤولية لم يرَ أو يسمع من الإعلام ما يعجبه طلب من الإعلاميين أن تكون هناك مسؤولية وطنية في هذه اللحظات العصيبة التي يعيشها لبنان، وهو بالتالي لا يريد أن يسمع أي شيء عن إستقالته، وهو يقول لكل إعلامي يطالبه بإستقالته، “طقوا وموتوا” لن أحقق لكم هذه الرغبة.
ويضيف، إفتراضيًا، “لن يكتب النجاح لما تتمنون”. أنا باقٍ على قلوبكم وغصبًا عنكم. وروحوا بلطوا البحر”.
هذا الرجل باقٍ حيث هو ليس بقوة عضلاته، بل بقوة عضلات غيره، الذي أراد أن يكون حيث هو، وكما هو. مطيع ومطواع، غير متطلب وغير مزعج ولا يوجّع الرأس.
فلا تتعبوا ولا تشقوا ولا تبحوا أصواتكم. فأنتم بالنسبة إليه لستم سوى ابواق مأجورة وأقلام مسخرّة لخدمة غايات هي غير غاياته، ولأهداف لا تتوافق مع أهدافه.
لقد قرر أن يحشي أذنيه بالقطن لكي لا يسمع ما تقولونه، لأن ما تعلنونه وتنشرونه لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، لأن بعضًا من مستشاريه الإعلاميين يردّدون على مسامعه “القافة تسيرو(…)”.
هذا الصنف من البشر لا يقتنع إلا بما يراه هو مناسبًا، أو ما يقول له مقرّبون منه يشبهونه، وهو لا يرى أن وجهه النحس كان شؤومًا على البلاد، ومعه آخرون هم في المقامات الأولى من المسؤولية، إذ سيذكر اللبنانيون أنه في أيام “العهد القوي” وحكومة حسّان دياب وصل الدولار إلى عشرة الآف ليرة لبنانية.
وفي أيامهما حصلت كارثة مرفأ بيروت نتيجة إهمال، هذا إذا صدّقنا نظرية الإهمال هذه.
في أيامهما جاع اللبنانيون وهاجروا لئلا يكونوا شهود زور.
في ايامهما أظلمت البيوت والشوارع وأنقطعت الكهرباء 24 على 24 ساعة.
وفي أيامهما تبخّر المازوت بسحر ساحر.
في أيامهما مات الفقير على أبواب المستشفيات.
في ايامهما تعطّلت لغة الكلام مع الخارج، الذي هبّ لمساعدة لبنان من جراء الزلزال الذي ضربه، حاصرًا علاقته بهذا الشق فقط لا غير.
في أيامهما أصبحت الكراسي من دون أرجل، والرجال أشباه رجال.
حسّان دياب لن يرحل بسهولة وهو الذي يعرف أن مفتاح الحلّ والربط ليس في جيبه، وهو يعرف أيضًا أنه باقٍ طالما الحاجة إليه باقية، إذ أنه من قلة الرجال سمي الديك بو قاسم.
لكن على رغم كل ذلك لا شيء يدوم، وستكرّ سبحة الإستقالات، ولن تكون إستقالة ناصيف حتي ومنال عبد الصمد وديميانوس قطار صرخة في وادٍ، بل ستكون ككرة الثلج، والآتي سيكون عظيمًا وستكون سقطة حسان دياب، ومن معه ومن يدعمه، عظيمة وعظيمة جدًا، وسيدخل مزبلة التاريخ من بابها العريض.