المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
عاش لُبنان ساعات عصيبة يوم أمس، من خلال تفجير مزلزل ضرب المرفأ الحيوي للعاصمة بيروت، خلف دماراً شاملاً في محيط المرفأ، حتى وصلت تردداته الى قبرص وسمع دويه قاطنو الجزيرة.
دبّ الذعر لدى المواطنين امس الثلاثاء الأسود بإنفجار غير مسبوق في تاريخ البلاد، وتشير المعلومات إلى أن الانفجار كان بسبب مواد شديدة التفجير ( نترات الأمونيوم )، توازي حوالي ٨٠٠ طن من مادة ”الـ TNT” صودرت قبل سنوات، تبين انها قنبلة موقوتة تقبع منذ عام ٢٠١٤ في عنبر رقم ١٢ في مرفأ بيروت.
تعددت السيناريوهات والنتيجة واحدة، شهداء وجرحى وأكثر من 100 قتيلاً وآلاف الجرحى ومفقودين وجثث في البر والبحر، حال 60 منهم حرجة بحسب الصليب الأحمر اللبناني، وتوزّعوا على مختلف مستشفيات العاصمة، التي لحقتها الأضرار بدورها.
٤ آب ساحة حرب غير مسبوقة، تسجل على لوحات الشرف في تاريخ الحروب التي شهدها لبنان، انفجار لم نر له مثيلاً في عزّ الحروب الأهلية والاجتياحات الخارجية، حتى في الإنفجار الكبير الذي استهدف الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يكن بمدى قوته ودماره، هو تقاعس دولة وتواطؤ ايادٍ خفية بكل مؤسساتها ومسؤوليها، من جهة عدم تلف تلك المواد، بإنتظار الساعات القليلة لتبيان وتحديد الجهة القاتلة التي أودتّ بدمار هائل وأنقاض سقطت على رؤوس الآمنين الأبرياء.
كثرت الروايات والتحاليل في الساعات الماضية، لجهة انفجار مستودع لصواريخ حزب الله نتيجة استهداف إسرائيلي، أو لجهة انفجار مستودع للمفرقات مخزّنة داخل المرفأ، بقيت تلك السيناريوهات سيدة الكلام على مواقع التواصل الإجتماعي لـ talk show والشاشات مادة دسمة لكب الاتهامات جزافاً، مطيحة بالتحقيقات التي تجريها الجهات الرسمية اللبنانية، فآخر المعلومات من مصادر عسكرية، ان القصة بدأت مع عملية تلحيم لأحدى الفجوات في المرفأ، أوقعت كل هذا الخراب وسقوط الضحايا .
اليوم حلتّ المأساة، نحن في كارثة وطنية، ولبنان والعالم في حداد وقدّ هبّ الى المساعدة من كافة اصقاع الأرض، لبنان في وشاح اسود يبكي مع ارزاته الجريحة المتألمة، لكن لبنان الذي مر بحروب وأصعب الازمات، بقيت إرادة شعبه هي دائماً منتصرة، حيث يبقى الوطن مهما عصفت به المؤامرات، كطائر الفينيق ينهض من الرماد ويدفن شهداءه ولا ينسى.
فتفجيرات الأمس، والتي جاءت قبل يومين من إصدار المحكمة الخاصة بلبنان حكمها النهائي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، لكن كل محنة تأتي على هذا الوطن تزيدنا صلابة وعزيمة على مواصلة الحفاظ على البلاد والوقوف على قلب رجل واحد.
فلا بد ان تنجلي الغيمة السوداء، ويبزغ فجر جديد، ونكون اكثر عزماً وتصميماً لإحباط المخططات الخبيثة، وإلحاق الهزيمة بالطبقة الفاسدة ومكينات القتل والإجرام، وتخليص الوطن منهم، فإن ما جرى ويجري، تغييب بلد برمته عن وابل الحياة، لمواطن يليق به العيش في قطعة من هذه السماء.