أضحكني، إن لم أقل أبكاني، الوضع المزري التي تتخبط فيه “حكومة الأعراس” الناتج عن ضياع الصلاحيات بين وزيري الداخلية والصحة العامة محمد فهمي وحمد حسن حول عدم سماح الداخلية بإقامة الأعراس من جهة وحول إستثناءات الصحة.
هكذا ضاع المواطن بين صلاحيات هذه الوزارة وعدم صلاحيات تلك، وكأننا في حفلة زجل أو في مراسم دفن حكومة الإنجازات.
غريب أمر هذه الحكومة، التي لا تستطيع أن تفرض رأيًا موحدًّا حتى في ما يخصّ الأعراس والأفراح، هذا إذا أبقت لنا حكومة “الإنجازات” مكانًا للفرح في زمن التعتير والتقتير وقلة الأشغال وكثرة الهموم.
حتى على الأعراس تبدو هذه الحكومة منقسمة على نفسها، من دون أن تستطيع أن تفرض رؤية موحدّة حول صحة المواطن، الذي عليه ألا يخالط أحدًا في شكل جماعي، لا في الأفراح ولا في الأتراح. فإذا كانت حكومة حسان دياب غير قادرة على الإتفاق على أمر بديهي كهذا الموضوع، الذي إختلفت آراء الوزراء حوله، فكيف ستتفق على أمور مصيرية تتعلق بمستقبل البلاد والعباد.
لم ننسَ بعد كيف دخلت الحكومة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بأرقام حسابية متناقضة بين الدراسة التي أجرتها وزارة المالية وبين أرقام المصرف المركزي وجمعية المصارف، الأمر الذي جعل هذا الصندوق، الذي هو الأمل الوحيد لمساعدة لبنان للخروج من أزماته الكثيرة، ينكفىء ويتراجع بعدما تأكد أنه أمام حكومة “لا تهشّ ولا تنشّ”، لا في الأمور الصغيرة كموضوع الاعراس، ولا في الأمور الكبيرة كمفاوضاتها مع الصندوق الدولي
، وحتى في محادثاتها مع زوارها الرسميين الذين يمثلون بلادهم، وهذا ما حصل مع وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان، الذي غادر لبنان، بعد زيارة رسمية له، خائبًا وغير مطمئن على مستقبله بوجود حكومة من هذا النوع، التي جاءت في الوقت الغلط وفي المكان الغلط.
وقد يكون ما تردّد عن عزم وزير الخارجية ناصيف حتي على تقديم إستقالته نتيجة التعاطي الرسمي مع الوزير لودريان والطريقة غير الدبلوماسية التي تعاطت فيها الحكومة بشخص رئيسها مع وزير خارجية البلد شبه الوحيد من الدول الغربية، الذي كان من الممكن أن يمدّ يد المساعدة إلينا، ونحن في أمسّ الحاجة إلى هذه المساعدة وإلى غيرها قبل التفكير ألف مرّ في الذهاب إلى الشرق طلبًا لمساعدة غير أكيدة.
وسواء قدّم حتي إستقالته أم لم يقدّمها، وهذا متروك لمجريات الساعات القليلة المقبلة فإن مجرد تسريب هكذا معلومة من دون إمكانية التأكد من صحتها، فإن ذلك دليلا واضحا على حالة التخبّط التي تعيشها حكومة العالم الآخر، الذي لا يشبه بشيء عالمنا الواقعي بشيء، وعلامة فارقة في زمن التكابر والإختباء وراء الأصابع، وهذا ما يميزّ هذه الحكومة، التي تسير في نفق مظلم لا أحد يعرف متى الخروج منه، أو بالأحرى إذا كانت هناك إمكانية للخروج من هذا النفق الطويل، الذي يبدو أن لا أفق له.
ولا يسعنا أمام هذا الحجم الهائل من المساوىء إلاّ أن نقول لهذه الحكومة، التي تستمدّ ما تبقى لها من قوة من خارج الإجماع اللبناني، لا زالت الأفراح عامرة في دياركم أو تخبزوا بالأفراح.
مصدر: اندريه قصاص – لبنان24