الرهان على الوعي المجتمعي خاسر. وإعراب المعنيين عن ثقتهم بقدرة اللبنانيين على الالتزام مجرد كلام. إنّه تنظير، بل عجز. هذا ما أثبتته التجربة، فلا يلتزم الوافدون بالحجر الإلزامي، في حين أنّ قسماً كبيراً من اللبنانيين يعيش حياته بشكل طبيعي: أعراس وسهرات وتعازي. وفيما يحطم لبنان أرقاماً قياسية يومية لجهة عدد الإصابات،
يتفرّج المعنيون على الانهيار بمستوييه الاقتصادي والصحي، فبعدما كانت البلديات تسيّر دوريات تدعو المواطنين في المناطق الشعبية إلى تفادي الاختلاط وتسكير المحال تجارية ووضع الكمامات، خفت حسّها في أيام الإغلاق الماضية.
محاضر الضبط والتدخلات قليلة جداً بالمقارنة مع المخالفات الفادحة الموثّقة والتي يصدف أنّها تحصل في مرافق تعود لنافذين.
بالتزامن، يكمل وزيرا الصحة حمد حسن والداخلية محمد فهمي خلافهما على تراخيص إقامة حفلات الزفاف الذي تحوّل كالعادة إلى خلاف على الصلاحيات. باختصار، عليك أن تكون نافذاً لإقامة حفل زفاف.
كل ما سلف تفاصيل، حيث يواصل عداد الإصابات ارتفاعه السريع حتى بلغ مستوى خطيراً. واليوم، كشفت مستشارة رئيس الحكومة بيترا خوري أن موجة كورونا الثانية ستبلغ ذروتها نهاية آب الجاري إذا استمر معدل الإصابات اليومية على حاله، أو اذا ارتفع، وقد يصل الى 9000 إصابة في 20 آب الجاري. وحذّرت خوري من أنّه ما لم يتمّ احتواء الفيروس والحدّ من وتيرة الإصابات سنسجّل في 21 آب ما يقارب 9110 حالات، ما يعني بلوغ 10 آلاف نهاية الشهر الجاري.
في السياق نفسه، لفتت منظمة الصحة العالمية في تقريرها اليومي إلى أنّ ارتفاع الإصابات اليومي- على الرغم من أنّ 80% من بؤر التفشي معروفة المصدر- دفع وزارة الصحة إلى الاستعداد بشكل أكبر لاحتمال دخول لبنان المرحلة الرابعة من تفشي الفيروس. وفي تلك المرحلة، يُتوقع أن يشهد لبنان تفشياً مجتمعياً أوسع نطاقاً بالمقارنة مع اليوم، إذ سبق لحسن أن أكّد دخول لبنان المرحلة الرابعة.
ولما بات سيناريو المرحلة الرابعة الأخطر “وشيكاً” جداً، يحذّر الأطباء والعاملون في القطاع الصحي من كارثة بسبب عدم قدرة المستشفيات على استيعاب المرضى.
من جهتهم، يترقّب اللبنانيون القرار الذي ستتخذه الحكومة لجهة تمديد فترة التعبئة العامة. وفي ظل الارتفاع الملحوظ بإصابات كورونا، قال وزير الصحة اليوم إنّ اللجنة العلمية ستوصي باقفال تام 15 يوما في حال كان التقييم سلبياً.