الدكتور حسّان دياب مضيّع دولة الرئيس حسّان دياب… فأصبح حسّان دياب الإنسان مضيّع حسّان دياب السياسي… وبالتالي، حسّان دياب المنقذ مضيّع حسّان دياب الضحية.. فإذاً، حسّان دياب المسؤول مضيّع حسّان دياب غير المسؤول.. وبالنتيجة، هناك رئيس حكومة مضيّع رئيس حكومة، والشعب مضيّع رئيس الحكومة، والحكومة مضيّعة رئيسها.
يمكن ما فهمتو شي، ولا نحنا فهمنا شي، ولا حتى حسّان دياب فاهم شي. لأنو حسّان مضيّع حسّان، وحسّان ضايع… ومن شبه المستحيل أن يتمكّن المضيّع من إيجاد الضائع، لأنّه أصلاً جاء بدلاً عن ضائع، ليحكم في الوقت الضائع.
بدأت قصّة الدكتور الضايع في أحد الأيام، عندما كان استاذاً في الجامعة الأميركية في بيروت، عندما اكتشف الكومبيوتر وباع الـ«دكتيلو» والـ«تيب أكس». وبعدها، سمع من أحد التلاميذ باختراع جديد إسمه «تويتر»، فرمى الأوراق التي كان يدوّن عليها إنجازاته، وانتقل إلى تغريد الإنجازات الالكترونية العابرة للقارات والحضارات. وصادف في هذه الفترة أيضاً وصول دونالد ترامب إلى سدّة الرئاسة الأميركية، حيث اشتهر بمواقفه وقراراته وخطاباته عبر «تويتر»… ومن حينها، قال الدكتور لنفسه: «ترامب مش أحسن منّي»، فصعد على متن الحكومة التكنوقراطية ليقودها مع البلد إلى برّ الأمان والاستقرار والبحبوحة، مركّزاً، مثل ترامب، على جعل «تويتر» منصتّه المفضّلة، فبدأ يغرّد ويغرّد، حتى بات يغرّد خارج السرب ويعيش في عالم إفتراضي لا يمتّ إلى الحقيقة التي يعيشها اللبنانيون بأي صلة.
الدول تأتي برؤساء الحكومات ليجدوا أجوبة عن أسئلة الناس. الدول تأتي برؤساء الحكومات ليحكموا، ويقرّروا، وينفّذوا، وينقذوا، ويقودوا.. أمّا في لبنان، جاؤونا برئيس حكومة ليسأل وليس ليجاوب، ليهلع وليس ليطمئن، ليغرّد وليس ليقرّر. ويا خوفنا، ويا جرصتنا، ويا تعتيرنا، إذا أحد رؤساء حكومات العالم قرأ تغريدة حسّان دياب، والتي قال فيها حرفياً: «البلد عم يواجه تحدّيات استثنائية، وهناك تفلّت السلاح واعتداء ع مراكز الأمن وكأن الأمور مش تحت السيطرة. وين الأجهزة الأمنية؟ وين القضاء؟ شو دورهم بفرض هيبة الدولة؟ كيف فينا نفرض الأمن بمنطقة وما فينا نفرضه بمنطقة تانية؟ يلي عم بصير ما بدّه توافق سياسي، بدّه قرار أمني جدّي وحازم».
والله العظيم، هذا بالحرف ما كتبه رئيس الحكومة اللبنانية على حسابه الخاص… فنحن لدينا رئيس حكومة يغرّد مثل طالبة في الجامعة أو مثل شاب عاطل من العمل، أو مثل أي مواطن مخنوق من كل تلك التجاوزات التي لا تحتاج إلى دكتوراه لاكتشافها، ويسأل بدوره أين الحكومة وأين رئيس الحكومة وأين الوزراء المعنيون؟
دكتور حسّان، التويتر مش دكتيلو، ولا يمكنك طباعة ما يحلو لك من الأوراق ومن ثمّ تقرّر ما تنشر وما تمزّق. دكتور حسّان، على «تويتر» أنت لست دونالد ترامب، ولا مواطناً لبنانياً عادياً يشكي همّه إلى الله. دكتور حسّان، «تويتر» ليس مدينة ملاهٍ تمضي فيها فترة بعد الظهر عندما تنتهي من عملك في السرايا.
الشعب اللبناني ينتظر تغريداتك ليتعرّف أكثر إلى شخصك الكريم المؤتمن على إنقاذ البلد. ومهما تكلّمت عن إنجازاتك وخطوات الإصلاح الحكومية المهولة.. يهمّنا أن نقول لك، وحتى بالحمام الزاجل، إنّ مجمل إنجازاتك حتى هذه اللحظة هي: زيادة تقنين الكهرباء، ارتفاع جنوني للأسعار، معدلات بطالة كارثية، جوع وفقر، جيش لا يأكل اللحوم، موظفون لا يتقاضون مرتبات، سرقة ودائع الناس، إنقطاع الأدوية، إقفال المستشفيات، فساد ما بعده فساد، انهيار الليرة، انكماش الاقتصاد، انقراض السياحة، عزلة دولية، توترات أمنية، تفلّت اجتماعي، تظاهرات واعتصامات وإقفال طرقات، غضب وقرف شعبي…
دكتور، أنت لا تسأل، أنت تجاوب.. بالله عليك، قل لنا كيف نشغّل المكيّف بلا كهرباء، كيف نستحمّ بلا ماء، كيف نشتري بلا مال، كيف نطبخ بلا مواد، كيف ننام بلا أمان، كيف نعيش بلا استقرار، وكيف نموت بلا أكفان؟
وإذا لا سمح الله أردت أن تغرّد، أعطنا أجوبة واضحة عن أسئلتنا، وحلولاً لأوجاعنا، وخططاً لأزماتنا… ورجاء، لا تنفّخ على اللبن، لأننا «مِكويين» من الحليب وأسعاره!
المصدر: الجمهورية