نشرت “مؤسسة راند للأبحاث والتطوير” الأميركية، بحثاً جديداً حول “استراتيجية الصين الكبرى” والتي تنوي تحقيق أهدافها في العام 2050.
وتناولت المؤسسة في بحثها الذي حمل عنوان: “الاستراتيجية الكبرى للصين”، محورين رئيسيَيْن هما:
1- مدى نجاح الصين في تنفيذ أهداف استراتيجيتها في 2050.
2- كيف ستبدو شكل العلاقات الأميركية – الصينية في ذلك العام.
وبحسب ما ذكر موقع “عربي 21″، فإنّ البحث الذي جاء في 154 صفحة، انطلق من فرضية أنّ الصين والولايات المتحدة ستبقيان كقوتين متنافستين كبيرتين لعدة عقود مقبلة، وبإمكان بكّين تحقيق استراتيجيتها في حال نجحت بـ”الدبلوماسية، الاقتصاد، العلوم والتكنولوجيا، الشؤون العسكرية”.
ووضعت الصين مرحلة أولى لهذه الاستراتيجية تنتهي في 2035، وتهدف حينها إلى أن تكون رائدة عالمية في الابتكار، وتمتلك قوة ناعمة ضخمة، إضافة إلى إحكام قبضتها الداخلية، في حين تطمح إلى أن تكون في العام 2050 قوة “ديمقراطية قوية ومزدهرة، ومتقدمة ثقافياً، وذلك بعد تنقيح دستور الحزب الشيوعي الحاكم”.
4 سيناريوهات
بحسب الدراسة، فإنّ لدى الصين هدفاً استراتيجياً بعيداً وهو إنتاج نموذج حكم عصري منبثق من النظام الحالي، يحقق الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، والازدهار الاقتصادي، والتقدم التكنولوجي.
ووضعت الدراسة 4 سيناريوهات قد تمسّ الصين إحداها خلال العقود المقبلة، وهي:
1- الصين المنتصرة: تحقيق الأهداف الاستراتيجية كاملة.
2- الصين الصاعدة: تحقيق بعض هذه الأهداف وليست كلها.
3- الصين الراكدة: الفشل في تحقيق الأهداف طويلة المدى.
4- الصين المحطمة: مشاكل عديدة تهدد وجود النظام “الشيوعي”.
3- الصين الراكدة: الفشل في تحقيق الأهداف طويلة المدى.
4- الصين المحطمة: مشاكل عديدة تهدد وجود النظام “الشيوعي”.
مركز “راند” استبعد أن تكون واقعية السيناريو الأول والرابع، إذ لا يمكن للصين أن تحقق كافة أهدافها الاستراتيجية في 3 عقود، وعلى النقيض من المستبعد أن تشهد انهياراً على مستوى نظامها الشيوعي “القوي” و”الماهر”، والقادر على التكيف مع المتغيرات، بحسب توصيفها.
3 مسارات خارجية
الدبلوماسية الصينية خلال العقود الـ 3 المقبلة، ستتخذ واحدة من 3 مسارات، هي:
1- شركاء متوازنون.
2- تصادم مع المنافسين.
3- تباين في الاتجاهات.
في هذا الصدد، قالت الدراسة إنّ المسار الأول يتحقّق بشرط أن يكون هناك توافق أميركي – صيني، وهو الأمر الذي يرتبط حدوثه في حال تحقق السيناريو الثاني والثالث فقط (ركود وصعود الصين).
أما المسار الثاني وهو التصادم المباشر خصوصاً مع الولايات المتحدة، والسعي إلى طرد القوات الأميركية من غرب “المحيط الهادئ” أو أي مكان آخر، قد يتحقق في حال انتصرت الصين وحققت أهدافها الاستراتيجية على المدى البعيد.
السيناريو الأخير (التباين)، وهو أن يتباعد البلدان عن بعضهما بدون تعاون أو صراع، مرتبط بفشل الصين، وانشغالها بخلافاتها الداخلية.
نهج قديم
وبحسب الدراسة، فإنّ الصين ومنذ وصول “الحزب الشيوعي” إلى السلطة في 1949، عملت بنظام الخطط العشرية أو العشرينية أو أكثر من ذلك، إذ كانت أولى خططها الاستراتيجية في الفترة بين 1949-1977 هي الثورة وتثبيت الحكم.
والخطة الثانية من 1978-1989 هي الانتعاش الاقتصادي بعد نجاح السيطرة على مفاصل الدولة.
والخطة الثالثة عملت فيها الصين على بناء قوة وطنية شاملة، ويطلق عليها اختصاراً “CNP” وذلك في الفترة بين 1990-2003.
ثمّ ذهبت بعد ذلك إلى التجديد والتطوير على هذه الاستراتيجيات.
وتهدف الصين من هذه الخطط إلى تحقيق 3 أهداف هامة، هي: الأمن، السيادة، والتنمية.
كذلك، أوضحت الدراسة أنّ قادة الصين الحاليين وهم من الجيل الخامس لـ”الحزب الشيوعي”، يعملون باستراتيجية القوة الناعمة عبر تعزيز الإنجازات الوطنية، وترسيخ الأهداف القومية، والقيم الصينية، وذلك في سبيل مكافحة أي مشروع ينادي بالديمقراطية، أو حرية الدين، وحقوق الإنسان.
ولفتت إلى أن “جيش التحرير الشعبي” (PLA) و”الحزب الشيوعي الصين” (CCP) هما من يخططان وينفذان الأفكار، للسير نحو تحقيق الأهداف، بدون أن يكون هناك أي دور لجهات سياسية مدنية أخرى.
إصلاحات اقتصادية
كما تطرّقت الدراسة إلى نية الصين إجراء إصلاحات اقتصادية كبيرة خلال السنوات المقبلة، لمعالجة الخلل الحاصل عندها، إذ تأتي خلف الولايات المتحدة بثاني أكبر اقتصاد عالمي، وصل إلى نحو 11.2 تريليون دولار في 2016، إلا أن الفرد الصيني يعد فقيراً، بل أفقر من بعض جيرانه الآسيويين.
ومن الأمور التي تسعى الصين لحلها، مشكلة الاستثمار المرتفع مقابل قلة الاستلاك، وهو ما يقلل من كونه مصدراً للنمو الاقتصادي.
قانون “الطفل الواحد” بحسب الدراسة، قد يكون عائقاً أمام تحقيق الاستراتيجية الكبرى للصين في 2050 إذا لم يتم تغييره، إذ كانت نسبة المواطنين فوق 60 سنة لا تتجاوز 10% في عام 2000، إلا أنه وبعد إقرار هذا القانون، ارتفعت النسبة إلى 15 بالمئة في 2015، وهي قابلة للزيادة بشكل يدعو للقلق.
وجود الدولة بشكل علني في الاقتصاد الصيني، قد يجر نتائج وخيمة في حال لم يتم إدخال الشركات الخاصة في الاستثمارات الكبيرة، إذ تعود ملكية كبرى الشركات والمصارف للدولة.
وبرغم ذلك، توقع البحث أن تواصل الصين انتعاشها الاقتصادي في غضون الخمس سنوات المقبلة، وترفع من معدلات النمو لديها.
وبرغم ذلك، توقع البحث أن تواصل الصين انتعاشها الاقتصادي في غضون الخمس سنوات المقبلة، وترفع من معدلات النمو لديها.
مواجهة التهديدات
واستبعدت الدراسة أن تغيّر الصين استراتيجيتها نحو الهجوم، إذ ستبقى في وضعية الدفاع عن مصالحها في وجه دول الغرب، إذ لا يمكنها التقدم لمواجهتهم.
واستبعدت الدراسة أن تغيّر الصين استراتيجيتها نحو الهجوم، إذ ستبقى في وضعية الدفاع عن مصالحها في وجه دول الغرب، إذ لا يمكنها التقدم لمواجهتهم.
ومن ضمن المخططات الصينية إيجاد “الجيش القوي”، وهو جزء من “الحلم الصيني”، بحسب الدراسة، ومن أبرز أسباب محاولة تأسيسه صدّ التهديدات التي تسعى إلى الإضرار باقتصاد البلاد.
وبناء قوة بحرية عظمى على غرار الولايات المتحدة، سيكون هدفاً منشوداً للصين مستقبلاً، إضافة إلى إعادة هيكل جل القطاعات العسكرية في الدولة.
والدراسة أوضحت أنّ الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يأمل في إعادة هيكلة القطاعات العسكرية لتحقيق أهداف أبرزها “إنتاج جيل مخلص تماماً، وقادر على حماية مصالح الصين”.
للاطلاع على البحث كاملاً اضغط على الرابط المرفق.
China's Grand Strategy
المصدر: عربي 21