لا يخفى على أحد توجه المعنيين في الحكومة إلى طرح أصول الدولة للاكتتاب بها بعدما تمت مصادرة ودائع اللبنانيين. فصندوق التعافي او الصندوق السيادي بات محل جدل في ظل اقتناع جزء كبير من أهل الاقتصاد والمال ان الهدف الاساس من الصندوق استخدام أصول الدولة لتعويض جزء من الخسائر الناجمة عن الازمة المالية والاقتصادية،
من خلال بيع هذه الاصول وتسديد الديون للمصارف، بيد أن المقربين من بعبدا والسراي الحكومي، يبررون انشاء هذا الصندوق لدعم شبكة الأمان الاجتماعي ومساعدة الاسر الأكثر فقراً في لبنان،
خاصة وان ممتلكات الدولة ستبقى ملكا لها. ومع ذلك فان عددا كبيرا من النواب يشدد على ان انشاء هذا الصندوق يجب أن يكون ضمن خطة موحّدة مع تأكيد هؤلاء أن بيع أصول الدولة ليس الا خطوة تستهدف مصلحة الشعب اللبناني.
هذه الأصول تحوي على المرافق العامّة مثل كازينو لبنان، كهرباء لبنان، المطار، مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس، الميدل إيست، شركتي الخليوي، أوجيرو، الاتصالات، الأملاك العامّة (بحرية، نهرية والمشاعات العامّة). حيث ستوضع هذه الأصول في الصندوق وتلعب دور الضمانة للمُستثمرين الذي يُريدون الإستثمار في لبنان.
وهنا تظهرخطورة الوضع إذا ما تمّ السماح بمشروع قانون الصندوق من بيع هذه الأصول للقطاع الخاص، حيث من المفروض التعاون على أساس قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي اقر في المجلس النيابي بهدف تشغيل هذه المرافق وتعظيم الإستفادة منها. وكل المداخيل لهذا الصندوق ومداخيل الخزينة العامة من ضرائب تذهب لسدّ الدين العام؛ خاصة وأن كل دول العالم الديموقراطية تتوجه أكثر فأكثر نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي هي عبارة عن استخدام مال وخبرات القطاع الخاص على المنصة العامة.
امام ما تقدم، فإن لجوء لبنان الى بيع اصول الدولة سوف يجلب، بحسب عجاقة، المزيد من التدهور، لأن هذا الأسلوب هو أسلوب ليبيرالي متوحشّ استخدمته بريطانيا في ثمانينات القرن الماضي وأدّى إلى خصخصة كل شيء في المملكة المتحدة لدرجة أنها ألزمت باقرار قانون منع الإستملاك مدى الحياة في قلب العاصمة لندن . أضف إلى ذلك، الفساد المستشري واحتكار الثروات بيد قلّة قليلة من اللبنانيين تجعل بيع الأصول أقلّ بكثير من قيمتها الحقيقية.
لكن ماذا عن تراجع الملاءة الائتمانيّة؟
إن دور الصندوق السيادي، وفق عجاقة، هو بالتحديد لمواجهة مُشكلة تراجع الملاءة الائتمانيّة إذ سيلعب دورا أساسيا في الضمانات المُقدّمة للمستثمرين، وبالتالي سيكون إلى جانب الإصلاحات السبيل الوحيد لإستعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها ولكن أيضًا بالإقتصاد والمالية العامة والنقد.
أما الدائنون الأجانب فهم جزء من المقرضين للدولة اللبنانية، وهو خارج سيطرة الدولة من الناحية القانونية التشريعية، وبالتالي في غياب طرح حلول عملية، هناك خطر من أن يتوجّه هؤلاء إلى مقاضاة الدولة اللبنانية عبر مصادرة أصولها من ذهب وودائع وأملاك خارج الأراضي اللبنانية. من هنا تكمن أهمّية المفاوضات معهم وتأمين الضمانات لهم ومنحهم الثقة كي لا يكون الصراع قاتل للمواطن اللبناني حيث لن يكون بقدرته استيراد حاجاته الأساسية من الخارج.
وسط ما تقدم، فإن أخطر ما يمكن فعله هو ضرب القطاع الخاص لأن ذلك يعني تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد شيوعي تهيمن عليه الدولة بالكامل. وهذا النوع من الاقتصادات لم ينجح حتى في عرين الشيوعية. إلا أنه من جهة أخرى لا يتوجّب على الحكومة ترك القطاع الخاص يُسيطر على الأملاك العامة إن من خلال الصندوق أو مباشرة من خلال الخصخصة. والطريق الوحيد للحل يتمثل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.