تحت عنوان: ماذا تعني “ساعدونا لنساعدكم”؟، كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: كل التقارير التي تحدثت عن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أكدت أنه أنهى زيارته للبنان وهو يضرب كفا بكف على الحالة التي وصل إليها البلد جراء عجز حكومته عن القيام بأية إصلاحات أو إنجازات رغم كل النصائح التي أسديت إليها،
في وقت إكتفت فيه بالوعود والبطولات الوهمية والغرق في المحاصصة السياسية التي فرضت نفسها على التعيينات والمشاريع النفعية (معمل سلعاتا وسد بسري) الأمر الذي أصاب الدول المعنية بدعم لبنان وعلى رأسها فرنسا بخيبة أمل عبّر عنها رئيس دبلوماسيتها الذي قال يوم أمس: “إن لبنان يتجه نحو الانهيار”.
لذلك بدا واضحا أن لودريان لم يحمل أية مبادرة سياسية تساعد لبنان على الخروج من أزمته، أو تمنحه أسبابا تخفيفية لدى الأميركي باستثناء الدعوة لترجمة “الحياد” الذي طالب به الكاردينال بشارة الراعي الى “نأي بالنفس” عن كل توترات المنطقة.. كما لم يحمل حلولا إقتصادية سوى التشديد على إنجاز الاصلاحات لتسريع المفاوضات ودعم لبنان لدى صندوق النقد الدولي، ما أعطى إنطباعا أن مساعدة لبنان لم يعد قرارا فرنسيا مستقلا، وإنما بات مرتبطا بما سيقدمه لبنان للمجتمع الدولي، من هنا كان تشديد لودريان على موقفه “ساعدونا لنساعدكم”.
تقول المعلومات المسربة عن الزيارة، أن لودريان كان شديد اللهجة مع المسؤولين اللبنانيين، وخصوصا مع رئيس الحكومة حسان دياب الذي تعرض الى ما يشبه “التأنيب” الفرنسي، بعدما حاول إيهام رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن حكومته قدمت 97 بالمئة من الانجازات وإقناعه بأنها ماضية بالاصلاحات، في حين لم يخف لودريان أن الحكومة لم تقدم حتى الآن أية إصلاحات، ولم تقم بأية إنجازات، وأن ما يحاول دياب تمريره على اللبنانيين، لا يمكن أن يمر على المجتمع الدولي وخصوصا فرنسا المطلعة على كل التفاصيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللبنانية.
وتشير المعلومات الى أن لودريان أبلغ الرئيس دياب بأن حكومته لا يمكن أن تكمل على هذا المنوال، مستغربا كيف أن بلدا يتم منحه 11 مليار دولار في مؤتمر سيدر، تمتنع حكومته عن القيام بما هو مطلوب منها على صعيد الاصلاحات وتعمل على إهدار هذا المبلغ الذي من شأنه أن يحل أكثر من نصف الأزمة، وكأنها بذلك تطلق النار على نفسها وعلى البلد.
وتضيف المعلومات إن لودريان عبر عن إستيائه من نهج الحكومة ومن السلطة عموما، معتبرا أن ما يحصل في لبنان سابقة مزعجة، خصوصا أن البلد يمتلك كل مقومات النجاح، لكن السلطة تغض النظر عنها وتتفرج على البلد كيف يغرق وعلى أهله كيف يتخبطون في أزماتهم المعيشية والاقتصادية.
أمام هذا الواقع، فإن زيارة لودريان جاءت لتضغط أكثر فأكثر على الحكومة التي من المفترض أن تعبر عن حسن نواياها تجاه الأم الحنون التي لا تعوّل على الوعود، بل على الأفعال وعندها تبني على الشيء مقتضاه.