نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريراً تساءلت فيه عما إذا كانت الحرب ستندلع بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في ضوء التطورات البارزة التي شهدتها المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وانطلقت الصحيفة الأميركية من سلسلة الحرائق والانفجارات التي وقعت في عدد من المنشآت المدنية والعسكرية الإيرانية، بما في ذلك المجمعات الرئيسية لإنتاج الصواريخ في البلاد، قائلةً: “في حين أن عددًا قليلاً من هذه الحوادث قد يكون عرضيًا، يشير التوقيت والأهداف المحددة إلى أن بعضها على الأقل كان نتيجة استهداف خارجي، وترفع هذه الهجمات احتمال نشوب صراع في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة”.
وأوضحت الصحيفة أنّه بعد وقوع انفجار في مجمع نطنز لتخصيب الوقود النووي في مطلع الشهر الجاري، قال مسؤول استخبارات بالشرق الأوسط حينها إن “إسرائيل تقف وراء هذا الهجوم”.
وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، اتهم حينها رئيس الموساد يوسي كوهين ضمنا بأنه المصدر الذي سرب هذه المعلومة، بحسب ما كتبته.
وليس كوهين وحده من سرب هذه المعلومات أو أكدها، فقد صرح مسؤول دفاع إسرائيلي سابق لموقع “إنسايدر” أنه من المعروف بشكل عام في دوائر المخابرات الإسرائيلية أن بعض هذه الأحداث كانت عمليات استخبارية إسرائيلية، على حدّ ما ذكّرت “نيويورك تايمز”.
وأضافت قائلةً إنّ مسؤولاً استخباراتياً بالاتحاد الأوروبي أكّد هذه المعلومات أيضا ووصفها بأنها جزء من حملة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل ليست وحدها من تقوم بتنفيذ هذه الهجمات، فقد أعلنت مجموعة منشقة من الجيش وقوات الأمن الإيرانية تطلق على نفسها اسم “فهود الوطن” عن قيامها بشن هجوما على منشاة نطنز النووية، وقد أرسلت المجموعة رسالة إلكترونية لقناة “بي بي سي” بعد وقت قصير من وقوع الحادث وقبل أن تضج به وسائل الإعلام العالمية، مؤكدة أنها هاجمت المنشاة كجزء من حملة مستمرة ضد المواقع الاستراتيجية الإيرانية، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.
وتضمنت رسالة المجموعة التفاصيل التي تتماشى مع حقيقة الانفجار، ما يشير إلى أن أصحاب البلاغ كانوا على علم مسبق بالهجوم، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بعمليات مشتركة ضد إيران مع عناصر محلية مناهضة للنظام وفقا للصحيفة.
وأكدت الصحيفة أن هذه التسريبات من أجهزة المخابرات العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن وقوف إسرائيل وراء هذه الهجمات مرجح جدا، مشيرة إلى أن إسرائيل بشكل عام واحدة فقط من خصوم إيران الإقليميين الذين يمتلكون قدرات استخباراتية لشن هجوم بهذا الحجم على مثل هذه المنشأة الحساسة.
ونظراً إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بإيران نتيجة للعقوبات الأميركية وتفشي فيروس كورونا، ترى إسرائيل أن هذا الضعف فرصة لتراجع طموحات طهران العسكرية والنووية، بحسب “نيويورك تايمز”.
وبناء على هذه المعطيات، تحدّثت الصحيفة عن سياسة إسرائيل الحالية تجاه إيران، مشيرةً إلى أنّه تُعرف باسم “الحملة بين الحروب”، فهي تحاول الحد من قدرة إيران على تهديدها من خلال مجموعاتها المسلحة في سوريا ولبنان والعراق، كما تهدف هذه الإجراءات التي تتخذ في فترة قصيرة قبيل اندلاع الحرب إلى منع إيران من إنشاء مواقع استراتيجية بحال اندلاع نزاع مباشر تتوقعه إسرائيل.
وتوسعت هذه الحملة على مدى السنوات القليلة الماضية بمباركة الرئيس دونالد ترامب، الذي يشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اهتمامه بضرورة تغيير السياسة الإيرانية، لكنه يفضل عدم تدخل الجيش الأميركي مباشرة في هذا المشروع، بحسب “نيويورك تايمز”.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم إنّ الفترة الحالية هامة بالنسبة لإسرائيل، قبل أن تأتي الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم بأي مفاجئات، تغير سياسة واشنطن الخارجية المتبعة، لذلك تسعى إسرائيل لتحقيق أكبر ضرر ممكن بطهران.
وأوضحت المجلة أن هذه العمليات يمكن أن تتصاعد إلى حرب شاملة، كما تظهر تقارير غير مؤكدة أن إيران تستعد للرد عسكريًا ضد إسرائيل والولايات المتحدة انتقاما بعد هذه الهجمات.
وأكد المسؤول الأوروبي الذي تحدث لموقع “انسايدر” أن الخطة الإسرائيلية هي إثارة رد فعل إيراني يمكن أن يتحول إلى تصعيد عسكري طالما ترامب في منصبه، بينما شكك خبراء أن تقوم طهران بأي رد عسكري على هذه العمليات بسبب حالة الضعف التي تمر بها طهران.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الصعيد السياسي يرى نتانياهو أن الحرب مع إيران هي أداة تؤدي إلى تعويمه داخليا، بالمقابل فإن القادة العسكريين يعتبرون الحرب مع إيران خطوة لإعاقة تطوير برنامج الأسلحة النووية والصواريخ البالستية.
وذكرت الصحيفة أنه إذا استمرت إسرائيل في هجماتها على المنشآت العسكرية الإيرانية على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، فإن احتمال نشوب الحرب سيرتفع، ولم تستبعد أن يكون هناك مفاجأة مدمرة في الشرق الأوسط خلال شهر تشرين الأول القادم.
المصدر: نيويورك تايمز – الحرة