واشار الخبير المذكور الى انّ الخطأ القاتل الذي ارتكبته هو انها قدمت شيئاً سَمّته خطة، فيما هو فقط مجرد ارقام لا اكثر، واخطر ما فيه انها نَأت بالدولة عن المسؤولية عن الخسائر التي وقعت، وألقتها على كل الآخرين، أي على المصارف وعلى مصرف لبنان – وهذا يحتمل بعض الصحة – وكذلك على المودعين، الّا انّ الحكومة لا تستطيع ان تقول انّ الكل مسؤولون والدولة لا دخل لها، فقط عليها ان تراجع المادة 113 من قانون النقد والتسليف، التي تشير الى انّ العجز يُغطى من الاحتياط العام، ولكن عند عدم وجود هذا الاحتياط او عدم كفايته تغطّى الخسارة بدفعة موازية من خزينة الدولة. وهذا يعني انّ الدولة لا يمكن ان تكون على الحياد فيما تحمّل المسؤولية للمصارف ومصرف لبنان والمودعين.
واشارت المصادر الى انها سبق وعرضت على الجانب الحكومي مجموعة من الافكار التي من شأنها ان تخفف من وطأة الازمة، وتفتح الآفاق نحو الحلول، وبالتالي وضع لبنان فعلاً على سكة الانقاذ والتعافي. وجاءت هذه الافكار على شكل خريطة طريق تقوم على ما يلي:
ثالثاً، لبنان يستطيع ان ينهض من جديد، فلدى الدولة احتياط في المصرف المركزي بنحو 21 مليار دولار، واحتياط من الذهب بنحو 15 مليار دولار واكثر، وأصول بعشرات مليارات الدولارات. وفي مقدور الدولة ان تحوّل هذه الاصول الى قطاعات منتجة، من دون ان تبيعها، وتظهر بالتالي انّ لبنان دولة غنية. لكن هذا مشروط بحُسن التخطيط.
فعلى سبيل المثال، بحسب هذه الخريطة، فإنّ لدى الدولة ما يزيد عن مليار م2 أرض، واذا شملت المليار متر بـ50 دولاراً للمتر الواحد، فثمنها يجمع نحو 50 مليار دولار. وبذلك، تستطيع ان تُنشىء الدولة شركة عقارية، وشركة لمنشآت النفط ثمنها مليارات الدولارات لأنّ لديها املاكاً هائلة، وتُنشىء شركة للسكة الحديد، وشركة لمرفأ بيروت، وشركات في قطاعات عديدة، وشركة ليبان تيليكوم.
وللعلم انّ سيولة طائلة في ايدي المغتربين اللبنانيين تقارب الثلاثة الى اربعة مليارات دولار، يُراد إرسالها الى لبنان والاستثمار فيه، ولكن هؤلاء المغتربين، في حاجة قبل كل شيء الى طمأنتهم بخطوات تجعلهم يثقون بالسلطة. التي أرسلت اليهم رسالة شديدة السلبية بأنها ستعتمد “الهيركات” ليطال 90% واكثر من ودائعهم.
رابعاً، بعد ان تقوم بخطة “التشركة”، تبادر السلطة في اتجاه المودعين، لتؤكد لهم انها تضمن ودائعهم. وكونها لا تستطيع ان تدفع «كاش»، تستعيض عن ذلك بأن تمنح المودعين سندات دين بفائدة 1 او 2%، وفي الوقت نفسه تعيد فتح بورصة بيروت، ويتم تداول هذه السندات فيها، ويستطيع حامل السند ان يبيعه إن شاء ذلك بالنسبة التي ترضيه بمعدّل 60 سنتاً للدولار او 70 سنتاً.
وتفترض خريطة الحل انّ المودعين سيقبلون بذلك لأنهم بالتأكيد يريدون ودائعهم، علماً انّ كثيرين منهم يعمدون في هذه الفترة الى بيع ودائعهم بثلث قيمتها وحتى بربعها.
وبرأي المصادر النيابية فإنّ السلطة إذا اعتمدت هذه الطريقة، تخلق مصداقية لها، لكنّ المشكلة تكمن في انّ الادارة السياسية لا هي مبادرة ولا هي ذكية ولا هي خلّاقة، ولا احد يثق فيها داخلياً وخارجياً.
وخلصت مصادر اللجنة المالية الى القول: الوقت لم ينته بعد، والفرصة ما زالت متاحة امام السلطة لكي تبادر الى العلاج، وليس هناك من عذر للحكومة في ان تبقى في دائرة العجز، بل المبادرة الى التخطيط لكيفية الاستفادة من اصول الدولة من دون ان تبيعها، والى البدء بالاصلاحات بالتزامن مع المفاوضات مع صندوق النقد، لأنّ البديل هو الشلل والانحدار التدريجي الى وضع أسوأ بكثير من نموذج فنزويلا.