عادت أسراب الجراد مرة أخرى منذ 3 أسابيع إلى اليمن، وشق الجراد المحمول على متن الرياح طريقه عبر الحقول، ليدمر محاصيل بأكملها خلال وقت لا يذكر.
وليس لدى المزارعين -مثل علي صالح الحنش الذي يقيم في محافظة شبوة بالجنوب اليمني- وسائل فعالة لمقاومة هذه الحشرات النهمة، ويقول ”نستخدم وسائل عفا عليها الزمن، فنحفر شقوقا في التربة ونحرق إطارات السيارات، ولكن المبيدات هي الحل الوحيد للقضاء على هذا الجراد الطائر، ونحن لا يمكننا الحصول عليها”.
وأصبح يتعين على المزيد من المزارعين في شبه الجزيرة العربية، وأيضا في منطقتي شرق أفريقيا وجنوب آسيا، مراقبة هذه الأسراب الجائعة من الجراد وهي تلتهم محاصيلهم.
ورغم أن الجراد يفضل النباتات التي تنمو في الصحراء الجرداء، فإنه يتغذى أيضا على الحبوب والفاكهة والخضراوات، أو حشائش المراعي، حيث يطلق المزارعون مواشيهم لترعى.
تأثير هائل
ويقول كيث كريسمان الخبير بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، والمكلف بمتابعة تحركات الجراد؛ إن أسراب الجراد كان لها تأثير هائل على موارد الناس التي يعيشون عليها، وملايين الأفراد في هذه المناطق ليس لديهم ما يكفيهم من الطعام حتى قبل هجمات الجراد.
والسبب في هذا التدفق من أسراب الجراد يرجع إلى حدوث إعصارين، ونتجت عنهما كميات كبيرة من الأمطار فوق شبه الجزيرة العربية في شهري مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2018، وأدى هذا خلال فترة نحو 9 أشهر إلى حدوث ظروف مثالية لتكاثر الجراد.
ويوضح كريسمان أن النتيجة كانت حدوث زيادة بمقدار 8 آلاف ضعف الأعداد العادية، ومنذ ذلك الحين هاجرت الأسراب إلى جميع الجهات: شمالا إلى إيران، وإلى أوغندا في اتجاه الجنوب الغربي، والهند شرقا.
ويقول كريسمان “هذه الأيام مناسبة تماما لتحركات أسراب الجراد، فيمكنها أن تسافر لمسافة تصل إلى 150 كيلومترا بمساعدة الرياح القوية”.
وتشهد كثير من دول شرقي أفريقيا حاليا أسوأ موجة من انتشار موجات الجراد الصحراوي منذ عقود، خاصة إثيوبيا والصومال وكينيا وجيبوتي وإريتريا وأوغندا والسودان وجنوب السودان.
وينمو الآن جيل ثان من الجراد الصحراوي في شرقي أفريقيا، ويمكن أن يصبح أشد تدميرا من الجيل السابق.
ولا يبدو أن ثمة نهاية في الأفق لهذه الدائرة المفرغة، وفي حالة استمرار الأمطار فيمكن أن يضع الجراد بيضه مرة أخرى لينمو جيل جديد، والفرصة الوحيدة لمقاومته هو رش المبيدات الحشرية بانتظام، وانتظار تراجع كميات الأمطار، كما يشرح كينيث موانجي الخبير بمعهد المناخ لشرقي أفريقيا، ويقول “عندئذ ستقل أعداد الجراد باطراد، وهذا ما نأمل تحقيقه”.
باكستان
وبالمثل، يناضل المزارعون في جنوبي آسيا لمقاومة هذه الحشرات الضارية؛ ففي باكستان انتشر الجراد في نحو ربع ولايات البلاد، وفقا لما يقوله المتحدث باسم الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث ثاقب ممتاز.
وتم رش أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي بالمبيدات بمساعدة الجيش، وشارك نحو 3 آلاف عامل في أعمال المقاومة في ولاية البنجاب (وسط باكستان) التي تعد سلة حبوب البلاد.
وقد يكون ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم سببا آخر لتفسير شدة الأزمة، وفي هذا الصدد يقول الباحث في علم الحشرات إلياس لقماني إن ارتفاع درجة الحرارة يوفر ظروفا مثالية لتكاثر الجراد، وصار يتعين على الدول التي تأثرت به أن تتعامل مع السبب الحقيقي، سواء كان ذلك عاجلا أو آجلا.
المصدر : الألمانية