تحت عنوان “رسالة المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان: تلازم الإصلاحات والنأي بالنفس” كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط” قالت مصادر دبلوماسية أوروبية وعربية إن مسؤولية تجاوز لبنان للحصار الذي أوقعه فيه “العهد القوي” وحكومة “مواجهة التحديات” برئاسة حسان دياب، تقع على عاتقهما، وباتت أمامهما فرصة لإعادته إلى الأسرة الدولية كعضو فاعل فيها لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يتدحرج بسرعة نحو الفوضى، وصولاً إلى المجهول، تتطلب منهما التقيّد بمضامين خريطة الطريق التي يطرح البطريرك الماروني بشارة الراعي تفاصيلها بدعم من الفاتيكان والمجتمع الدولي، ومن خلال الدول العربية القادرة على مساعدته للنهوض من أزماته.
ولفتت المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية لـ”الشرق الأوسط” إلى أن لبنان ليس متروكاً من الأسرة الدولية ليواجه منفرداً أزماته التي تطبق الحصار عليه، وقالت إن المشكلة تكمن في “العهد القوي” الذي يكاد يقترب سياسياً من نهايته ما لم يبادر إلى الأخذ بالنصائح الدولية والعربية التي أُسديت له، بدلاً من استمراره في اتباعه سياسة المكابرة من جهة، وفي تحامل دياب على عدد من الدول العربية في محاولة منه لتحميلها مسؤولية الحصار المفروض على الحكومة من جهة ثانية.
ورأت هذه المصادر أن النداء الذي وجّهه البطريرك الراعي يعبّر عن حصيلة الموقف السياسي ليس للفاتيكان فحسب، وإنما للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، وهذا ما سيسمعه رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيسا البرلمان نبيه بري والحكومة حسان دياب من وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في زيارته المرتقبة هذا الأسبوع إلى بيروت. وقالت إن الراعي ينطق بلسان الأسرة الدولية والعدد الأكبر من الدول العربية.
وأضاف: تعتبر المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية أن الحكومة باتت محشورة في الزاوية، وهذا ما ينسحب أيضاً على رئيس الجمهورية وأن تجاوز الخناق المفروض عليها يشترط منهما الإقرار بضرورة التلازم بين الإصلاحات المالية وبين العودة إلى اتباع سياسة النأي بالنفس التزاماً بما هو منصوص عليه في البيان الوزاري لأن تحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة يعتبر من بداية الإصلاحات السياسية المطلوبة منهما.
وتؤكد المصادر أن لا مفر من الالتزام بمبدأ التلازم بين مسار الإصلاحات وبين التقيُّد عملياً بمسار النأي بالنفس، وتقول إنه لم يعد في مقدور الحكومة القفز فوق الوصفة الدولية التي أُعطيت له والتي تُعتبر بمثابة دفتر شروط دولي وإقليمي ليس لعودة لبنان إلى الأسرة الدولية، وإنما للإفراج عن المساعدات التي لا تزال موضوعة في حجر سياسي بقرار دولي.
وتعتقد بأن الإصلاحات السياسية المطلوبة من لبنان تشمل انكفاء “حزب الله” إلى الداخل وعدم استخدام الساحة الداخلية منصة لتمرير رسائل التهديد الإيرانية إلى الدول العربية لزعزعة استقرارها والتدخّل في شؤونها، وتؤكد أنها تشمل أيضاً الالتفات إلى وضع استراتيجية دفاعية لضبط فلتان السلاح ووقف كل أشكال التهريب عبر الحدود إلى سورية وإقفال الممرات التي يستخدمها “حزب الله” لنقل السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري.
وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى الحكومة و”العهد القوي” فهل يتجاوبان مع الشروط الدولية لإنقاذ لبنان ومنع انهياره أم أن لديهما بدائل أخرى ليست مرئية؟