ثار التدهور السريع للأوضاع الاقتصادية في لبنان ودخول البلاد في مرحلة التضخم المفرط وتوقعات تجاوزه 500 بالمئة خلال أسابيع قليلة تساؤلات واسعة في الشارع العربي حول الدول المعرضة للمصير اللبناني خاصة في ظل التداعيات الاقتصادية غير المسبوقة الناجمة عن تفشي وباء كورونا.
وكشف المسح، أن معدلات التضخم بالدول العربية خلال الشهر الماضي كانت بالسالب (تحت الصفر) في 7 دول هي: (قطر، الإمارات، البحرين، فلسطين، سلطنة عمان، الأردن والمغرب)، وأقل من 10 بالمئة في 11 دولة هي: (ليبيا، السعودية، العراق، جيبوتي، الجزائر، الكويت، موريتانيا، جزر القمر، الصومال، مصر، تونس)، وأعلى من 10 بالمئة في ثلاث دول هي سوريا بنسبة 13.3 بالمئة، ولبنان بنسبة 56.53 بالمئة، والسودان بنسبة 114 بالمئة، بينما لم تتمكن “عربي21” من الوصول إلى بيانات رسمية لليمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما سبب التدهور الاقتصادي السريع للبنان؟ وكيف أن دولة مثل السودان تجاوزت معدل التضخم 114 بالمئة ولم تدخل مرحلة التضخم المفرط في حين أن لبنان 56.53 ويقول الخبراء إنها دخلت مرحلة التضخم المفرط؟ وكيف لدول عربية تشهد احتجاجات شعبية على سوء وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومعدل التضخم فيها تحت الصفر أو أقل من 10 بالمئة؟ ولماذا لا تعبر أرقام التضخم المعلنة مع الواقع الحقيقي لأسعار السلع والخدمات بالأسواق؟
وحول سبب التدهور الاقتصادي السريع للبنان، قال نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، والخبير الاقتصادي، جواد العناني، إن لبنان يتعرض لظروف خاصة لا تتشابه مع نظيرتها في الدول العربية، منها تخلي بعض الدول الداعمة لبيروت بعد تعيين حكومة محسوبة على حزب الله، مثل السعودية وفرنسا، بالتزامن مع عقوبات فرضتها واشنطن على حزب الله وإيران وكذلك النظام السوري وهو ما أدى إلى حظر دخول الدولار إلى لبنان.
واعتبر العناني في حديث خاص مع “عربي21″، أن هذه الظروف الخاصة إلى جانب عدة عوامل اقتصادية داخلية تتعلق بسوء إدارة الاحتياطي النقدي للبلاد، وتراجع ثقة المواطنين والمستثمرين في الاقتصاد، وعجز المصارف عن توفير الدولار لعملائها ووضع قيود على عمليات سحب الودائع الدولارية، وتهريب مليارات الدولارات إلى الخارج بحثا عن ملاذ آمن، ساهم بشكل كبير في تسريع عملية انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالبلاد.
وأضاف: “اضطر المصرف المركزي لضخ الدولار بالسوق بهدف إحداث توازن بسوق الصرف، لكن الشهية تجاه اقتناص الدولار كانت أعلى بكثير من قدرة المصرف المركزي، وهو ما دفع المصرف إلى طباعة كميات كبيرة من الليرة اللبنانية بدون غطاء نقدي ما أدى إلى انهيار قيمة الليرة اللبنانية وما ترتب عليها من تراجع القوة الشرائية للمواطنين وانفلات الأسعار ودخول البلاد في مرحلة التضخم المفرط”.
وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، أن الأرقام والمؤشرات الرسمية لأرقام التضخم ومعدلات الأسعار في معظم الدول العربية لا تعبر عن الواقع الحقيقي قائلا إن السبب في ذلك هو أن السوق الذي يقاس فيه التضخم سوق محدود جدا باعتبار أن الجزء الأكبر من اقتصاديات كثير من هذه الدول يقع في نطاق الاقتصاد غير الرسمي.
وأشار إلى أن “بعض الدول العربية تنفق من العملات الأجنبية أكثر مما يأتيها، وهو ما يتسبب في عجز ميزانها التجاري أو ميزان المدفوعات، وخلق فجوة سيولة دولارية، فتضطر هذه الدول لسد هذه الفجوة بالحصول على قروض خارجية وما يترتب عليها من تداعيات سلبية قد تصل في النهاية إلى العجز عن السداد مثلما حدث في لبنان”.
وأضاف: “هذا قد يحدث أيضا في بعض الدول التي تعتمد بشكل كبير على القروض حال فقدت ثقة مؤسسات التمويل الدولية وتوقفت فجأة مصادر الحصول على العملة الصعبة، ومنها مصر والسودان والجزائر وليبيا والعراق”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن ذلك هو سبب تباهي بعض الدول مثل مصر والأردن بموافقة هذه المؤسسات على منح حكوماتها القروض، بغض النظر عن آثارها السلبية.
*** للاطلاع على نص المقال كاملا اضغط هنا