تحت عنوان: “طرابلس الثورة الخامدة: الرضوخ للفقر.. أو السباحة إلى قبرص”، كتبت جنى الدهيبي في “المدن“: حالة من الهدوء المريب، تشهدها عاصمة الشمال في الأيام الأخيرة، من دون أيّ تحركات احتجاجية في الشارع، حتى كتلك التي كانت تضم العشرات. وخلافًا لأيام الجمعة المعتادة ما بعد 17 تشرين، لم تُنفذ بعد ظهيرة الجمعة 10 تموز، أيّ مسيرات في المدينة احتجاجًا على انحدار الأوضاع المعيشية إلى القعر،
واستمرار الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية والأساسية رغم وعود دعم “السلة الغذائية”، وتراجع سعر صرف الدولار إلى ما دون 8000 ليرة.
بدأ يتسلل إلى طرابلس سؤال “وينيه الثورة؟”، الذي أصبح يتناقله اللبنانيون، استنكارًا على حالة “التخدير” الجماعي التي تضرب البلاد،
رغم أنّ أسباب الانتفاضة قائمة أكثر بأضعاف من لحظة “17 تشرين”. وواقع الحال، أثبت عدم صحة نظرية التعويل على “ثورة الجياع” في لبنان، وأنّ الجوع بمعناه العميق ليس كفيلًا وحده بانتفاضة الناس ضدّ السلطة. لا بل قد يكون واحدًا من أبرز أسباب “تخديرهم” وتعوّدهم. وعمليًا، هذا ما يفعله الجوع أو الحاجة: تتقلصّ “المساحة الثورية”، التي يتشارك الناس فيها بشأنهم العام. وتصير “الثورة” كأنها ترف غير مقدور عليه،
مقابل تقوقعهم في شأنهم الخاص لتدبير أمورهم الشخصية البائسة، بأقل الخسائر اقتصاديًا ومجتمعيًا وحتى أمنيًا.
يوميات البؤس والذل
وهذا غير ممكن. كما يتطلب مضاعفة الأسعار بشكل كبير على الزبائن”. تابع تعبيرًا عن يأسه: “ما نعيشه هو جنون رسمي، فقدنا القدرة على تحمله. وفي نهاية المطاف سيدمرنا جميعًا”.
مساعدات وهجرة
وفي سياق متصل، أوقفت دورية من مديرية المخابرات الجمعة في محلة سقي البداوي – الشمال، 14 شخصًا من الجنسية السورية بينهم نساء وأطفال بالإضافة إلى لبناني واحد، وذلك لمحاولتهم مغادرة لبنان إلى قبرص عبر البحر بطريقة غير شرعية، وتجري متابعة الموضوع لتوقيف باقي المتورطين. وحسب معلومات “المدن”، فإن عددًا كبيرًا من الأفراد والعائلات اللبنانية، وتحديدًا في المناطق الشعبية، بدأت تفكر جديًا بالهروب إلى أوروبا عبر البحر بواسطة مهربين غير شرعيين بدأوا ينشطون، رغم صعوبة أداء هذه المهمة التي تذكر بموجات اللجوء غير الشرعية إلى أوروبا في العام 2015.
الأمن الذاتي ومقتل طفل
أمّا السلاح الذي يتفلت على نطاقٍ واسعٍ في المدينة، فسقط ضحيته ظهر الجمعة الطفل طلال إبراهيم (8 سنوات)، في ميناء طرابلس. وكان قد أصيب بطلق ناري من المدعو س.ع. عن طريق الخطأ إثر حادث فردي. وعلى الفور، سادت حالة من الهرج والمرج في المنطقة، وقد تعرض مُطلق النار للضرب المبرح من قبل أبناء المدينة، الذين أضرموا النار أيضًا بالمقهى الخاص به. أما اللافت في جنازة الضحية، فهو الاستمرار في انتشار السلاح المتفلت، واطلاق النار بكثافة عشوائية في الهواء تعبيرًا عن غضب عائلته.
لم ينته يوم الجمعة على خير في طرابلس، إذ ألقى مجهول ليلًا قنبلة يدوية على سيارة في منطقة باب التبانة، ما أدى إلى احتراقها. وقد لاذ الفاعل بالفرار. فيما سادت حالة من الهلع والخوف في المنطقة، وقد حضرت عناصر الجيش إلى المكان لملاحقة الفاعل.