فيما السلطة السياسية الحاكمة في البلاد غارقة في البحث عن كيفية تأمين مقومات استمرارها وصمودها في الوقت الضائع حتى نهاية العام بتعيين هنا و”باس” للخارج هناك طمعا بجنة الدعم والمساعدات التي أوصدت ابوابها بإحكام في وجه حزب الله وفي غياب اي اصلاح فعلي، ترصد اوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” نشاطا متقاطعا بين الداخل والخارج عند مركزية منع سقوط لبنان وتحوله اداة في يد محور.
فبلد الحياد لا يُمكن ان يُترك للمصير الاسود بقرار من فئة سياسية تقوده بسياسات غير محسوبة النتائج الى الهاوية. هذا النشاط ينقسم الى شقين، الاول دبلوماسي تجسده حركة لا تهدأ للسفير السعودي وليد البخاري في اتجاه المسؤولين المنادين بحياد لبنان وبقائه في موقعه التاريخي واتصالات اوروبية ستعقبها زيارات لبيروت ابرزها فرنسية للتحذير من مغبة عدم الاقدام على الاصلاحات المطلوبة دوليا للانقاذ ونصائح فاتيكانية بوجوب مواصلة الاعتماد على المجتمع الدولي المتمثل بالغرب والولايات المتحدة التي تجول سفيرتها اليزابيت شيا بدورها على المسؤولين والقادة اللبنانيين موجهة سهامها في اتجاه حزب الله.
اما الثاني، فلبناني داخلي ما زالت خيوطه في طور النسج على مغازل القوى السيادية الطامحة الى انتاج عباءة تقي لبنان مخاطر الانحراف شرقا والاصطدام بجدار الانهيار. هذه القوى التي تمثلها احزاب وتيارات ما كان يعرف بفريق 14 اذار، تؤكد الأوساط انها في دينامية وزخم ملحوظين ولو انها لم تتمكن من اعادة اللحمة في ما بينها في اطار جبهة قوية بفعل صعوبات لوجستية تواجه انخراطها في بوتقة واحدة، الا انها تجتمع كلها حول قضية وجودية لدرء الخطر على المصير وتعمل في الاتجاه نفسه. صحيح ان الاتصالات ما زالت بطيئة، توضح الاوساط، ولم تقدم خطوة عملية ملموسة حتى الساعة، الا ان تزامنها مع حركة الخارج ومع موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الداعي الى فك الحصار عن الشرعية يرفدها بجرعة دعم قوية ويشكل رافعة اساسية في اتجاه الالتقاء على الوسيلة والهدف لانقاذ لبنان من براثن الانفجار القاتل.
وتعرب الاوساط عن اعتقادها بأن الاداء السلطوي القاصر وتسارع وتيرة الانهيارات المتتالية في مجمل القطاعات في البلاد وتخبط الحكومة في وحول السياسات الفاشلة بإقرار عرابيها انفسهم وقد قال امس رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لرويترز “ان ما نتعرض له نحن هو حصار مالي واقتصادي وسياسي يترجم علينا بهذا الضغط المالي، وهذا لا يعفي الدولة ولبنان واللبنانيين من الأخطاء”، لا بد الا ان يولّد شيئا ما في اللحظة المؤاتية، مذكرة بالحقبة التي سبقت وتلت العام 2005 وكيف تجمعت العوامل دفعة واحدة محليا وخارجيا فانتجت خروج الجيش السوري من لبنان.
واذ ترفض الاوساط الخوض في مسألة الوقت وتحديد مدة زمنية لموعد انتهاء الازمة الخانقة ودخول مرحلة الانفراج التدريجي الموعود واستعادة اللبنانيين نمط حياتهم شبه الطبيعي، تعتبر ان تحديد المواعيد في سيناريوهات مشابهة ضرب من الخيال، ذلك ان حتى راسمي خرائط الطرق لمسار الاحداث والتحولات ومعدي الاستراتيجيات الكبرى لا يملكون هذه الورقة ولا قدرة للتحكم بها بالكامل، لكن الاكيد ان الاستمرار في الوضعية نفسها لم يعد ممكناً ومدى الازمة لا بد ان يبلغ سقفه في مدة لا تتعدى الاشهر القليلة.
المصدر: المركزية