تمثال يعتلي عرش الزعامة..!
… ها نحن اليوم، وللمرة الثالثة، نتوقف عند نص سياسي ساخر، للكاتب الأردني باسل طلوزي، وقد نشرته صحيفة العربي الجديد / لندن، في العدد 1081، الصادر في 17 / آب / 2017، وهو يحمل عنوان ( تمثال الزعيم ).
وقد استطاع الكاتب أن يجمع فيه بين السخرية السياسية والخيال، بأسلوب الإختصار لإيصال الفكرة المقصودة.
يبدأ النص بما يلي:
كان يتعين على جماهير الشعب أن تمارس ذلك الطقس الصباحي عند تمثال الزعيم المنتصب في وسط المدينة، قبل أن تلتحق بأعمالها، فالمطلوب، وفق أوامر الزعيم، أن يحج كل مواطن إلى التمثال يومياً، وأن يؤدي فروض الولاء له، تماماً كما يفعلون مع الزعيم.
وبدون أدنى شك، هكذا أوامر، لها أسبابها وموجباتها، وفقاً لوجهة نظر الزعيم، والتي هي الأصح دوماً، بلا منازع:
وقد أصدر الزعيم هذا المرسوم، في ذروة ضجره، بعد أن استنفد أساليب القهر التي تتفتق في ذهنه يومياً، خصوصاً أنه سئم جولاته المتكررة، التي لم يكن هدفها الإطمئنان على أحوال الشعب، بقدر ما كانت رغبته في انتزاع بريق الرعب من عيونهم.
وكي تتم عملية تقديم طقوس الطاعة أمام التمثال بدون أي تردد، وكي لا يتوانى عن أدائها أحد تحت أي حجة أو سبب:
ولأن عقاب المتخلفين عن تقديم طقوس الولاء للتمثال (الزعيم) كانت قاسية، وتصل حدّ الإعدام، فقد وجد الشعب نفسه مضطراً لتقديمها، حتى ولو لم يلتحق بعضهم بعمله لأي سبب.
ولكن الأمور تأخذ منحًى غامضاً، أو ربما يفوق الخيال بعض الشيء:
غير أن المبرر الغريب الذي لم يجد أحد تفسيراً له، بمن فيهم العلماء والكهنة والعرّافون، والذي جعل الشعب أكثر خشية من التخلّف عن تقديم فروض الولاء هو ما حدث صبيحة أحد الأيام، بعد مرور سنوات على هذا الطقس، فقد عطس أحد المواطنين وهو يقرأ فروض الطاعة، ففوجىء الجميع بيد التمثال ترتفع ثم تهوي على جمجمة هذا المواطن فتسحقها، ثم تطور الأمر لاحقاً حين شاهدوا التمثال يحرّك قدميه ويتجوّل في الشوارع كأنه الزعيم.
وكانت الخاتمة صدمة صاعقة للجميع :
أما المعجزة التي أذهلتهم، فقد كانت حين مات الزعيم، وفوجئوا بالتمثال يهرع إلى القصر ليعتلي العرش.
نبيل عرابي- سكوبات عالمية