كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”: لا تقل معاناة الطلاب اللبنانيين المغتربين عن معاناة زملائهم المقيمين في البلد. فتجاهل السلطات اللبنانية لظروفهم القاسية، وحُكم المصارف وتسلّطها،
وحال اللا استقرار والحاجة وحتى الجوع، يلاحقهم أينما حلّوا. هي لعنة الدولار التي أطاحت بقدرة اللبنانيين على العيش، طاولت مغتربيه أيضاً، لاسيما منهم الطلاب.
الطلاب اللبنانيون في الخارج، وعلى الرغم من صعوبة أوضاعهم، لم يستسلموا للظروف الصعبة التي دفعتهم إليها الدولة اللبنانية، والظلم اللاحق بهم من المصارف. حاولوا رفع الصوت عبر طرق عدة لحل أزمتهم، من دون أن تلقى آذاناً صاغية.
فوصل بهم الحال اليوم إلى تنفيذ تحرّكات في الشارع، أمام السفارة اللبنانية في العاصمة الإيطالية روما، وأمام القنصلية اللبنانية في ميلانو. ويعملون على تنفيذ تحركات مطلبية في أكثر من عاصمة أوروبية.
لا تحويلات مالية
منذ نحو أربعة أشهر وحتى اليوم لم تجرِ المصارف اللبنانية أي عمليات تحويل مالي للطلاب اللبنانيين في الخارج، على الرغم من كافة الوعود والتعهدات التي أطلقها رئيس جمعية المصارف على مسامع اللبنانيين، مراراً وتكراراً. أزمة التحويلات المصرفية لم تتقدّم في اتجاه أي حلول. فالمصارف لا تزال تمتنع عن تحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج، باستثناء الأموال المودعة حديثاً أو fresh money،
بمعنى أن على أصحاب الحسابات المصرفية بالليرة أو الدولار السحب من حساباتهم بالليرة وشراء الدولارات من الصرّافين، أو من السوق السوداء (وفق سعر صرف يفوق 8000 ليرة)، ليُعاد تحويلها إلى الطلاب في الخارج عبر المصارف.
التحاويل المالية الأخيرة عبر المصارف تمت في شهر شباط الفائت. ووفق ما يؤكد طارق حسن (طالب طب في إيطاليا) في حديثه إلى “المدن”، لم تسمح المصارف منذ ذلك الحين بأي تحويلات. وبالتالي، تتراكم علينا المستحقات المالية والديون، من إيجارات منازل وأقساط وفواتير، حتى أن البعض بات مهدّداً بالشارع،
“أصحاب المنازل المستأجرة صبروا على الطلاب تأخرهم في الدفع، خلال فترة الحجر بسبب أزمة كورونا. لكن اليوم لم يعد أمامنا أي سبب للتأخير وبتنا مهدّدين بالفعل”، يقول حسن، حتى أن البعض لم يتمكّن من تأمين تكلفة تجديد الإقامة البالغ نحو 200 يورو فقط.
مطالب الطلاب
مشاكل عديدة تواجه الطلاب اللبنانيين في الخارج، دفعتهم لإدراج أبرز مطالبهم في كتاب رفعوه عقب تحرّكهم الى السفيرة اللبنانية في روما، ميرا ضاهر، والقنصل اللبناني في ميلانو، خليل محمد. أولها إقرار “الدولار الطالبي”. إذ لا يمكن الاستمرار بالشكل الحالي،
أزمة مستجدة
ارتفاع سعر صرف الدولار لما يفوق 8000 ليرة، وتعذّر إجراء التحويلات المالية إلى الخارج وضَع الطلاب الجدد، الذين يعتزمون استكمال دراستهم الجامعية خارج لبنان، أمام أزمة مزدوجة، ترتبط بصعوبة تأمين الدولارات من السوق اللبنانية، لدفع مبالغ التأمين من جهة، وأزمة ثقة من جهة أخرى. فعملية سداد المبالغ التأمينية وفق الأصول عبر المصارف، ترافقها مخاوف من أن تقوم الأخيرة بحجزها، كما هو الحال اليوم مع طلاب السنة الأولى الذين يعانون منذ أشهر من الحاجة إلى المال، لسداد فواتيرهم وتأمين معيشتهم.