حذّر المحلل السياسي مايكل يونغ من تداعيات فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي،
مؤكداً أنّ لبنان بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق “تماماً كما يحتاج الجسم إلى الدماء”، ومشدداً على أنّ مفتاح الحل يقع بين يدي السياسيين والأحزاب.
وانطلق يونغ من استقالة هنري شاوول من مهامه الاستشارية إلى جانب وزارة المالية لاقتناعه بعدم رغبة السلطة بإجراء إصلاحات، معلقاً على هذا التطور بالقول: “لم تكن نية الطبقة السياسية إجراء إصلاحات صادقة يوماً ولن تكون كذلك”. وتابع يونغ مؤكداً أنّ السياسيين اللبنانيين والأحزاب “مدركون تماماً لما يعنيه فشل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد”.
وفي هذا الصدد، ذكّر يونغ بتصريحات النائب جبران باسيل الأخيرة، ناقلاً عنه قوله: “هل تعلمون ما يعني أن ينتهي خيار صندوق النقد؟ يعني أنّنا سنخسر مرجعية تجبرنا على إبرام الاصلاحات والإسراع بها.
يعني أنّنا سنخسر أي إمكانية تمويل من الغرب وأي إمكانية لقيام استثمارات ومشاريع كالكهرباء والبنى التحتية وأي امكانية لاستنهاض القطاع المصرفي والاقتصادي،
هل تعلمون ما يعني أن ينتهي خيار صندوق النقد؟
يعني أنّنا قد نذهب لتدهور كبير بسعر الصرف وانهيار الليرة والى تضخّم بالأسعار ووجوب زيادة المعاشات والسلسلة وطبع العملة الوطنية بكميات كبيرة وبالتالي الانهيار الاضافي لليرة والتضخم الإضافي وصولاً، لا سمح الله، الى النموذج الفنزويلي!”.
وهنا، استعرض يونغ سيناريو فشل المفاوضات مع صندوق النقد، مرجّحاً مواجهة لبنان “تضخماً مفرطاً” و”فقراً واسع الانتشار” و”انهيار الدولة” و”التقسيم”، معلقاً: “مع فقدان الليرة قيمتها، ستفشل مؤسسات الدولة، لا سيما القوى العسكرية والأمنية”. ونبّه يونغ من أنّ الأحزاب السياسية ستتولى حينذئذ أمن طوائفها “في مشهد يذكّر بالحرب الأهلية”.
في المقابل، استبعد يونغ قدرة الأحزاب على الصمود لفترة طويلة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، متوقعاً انهيارها “من دون أفق للحل”، ومعتبراً أنّ هذه التطورات ستؤدي في نهاية المطاف “إلى انهيار الهيكل الذي سعى السياسيون والأحزاب السياسية إلى الحفاظ عليه”.
على مستوى “حزب الله”، رأى يونغ أنّه لا يرغب في بلوغ نتائج مماثلة، رابطاً موقفه هذا بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي. وكتب “من شأن دولة مفككة بشكل كبير، أن تستدرج إسرائيل إلى مهاجمة الحزب بقوة مدمرة”.
بالعودة إلى صندوق النقد، عزا يونغ غياب الزخم في المفاوضات بينه وبين الحكومة إلى منهجية السياسيين اللبنانيين الذين لا يتخلون عن شيء قبل تأمين شيء آخر في المقابل. وللتأكيد على وجهة نظره،
أخذ يونغ باسيل مثالاً، قائلاً إنّه “يتولى زمام وزارة يُعتبر إصلاحها أولوية بالنسبة إلى صندوق النقد ويأمل في الوقت نفسه في أن يصبح رئيساً للجمهورية”.
وتساءل يونغ: “هل يُعقل أن يقدّم تنازلات على جبهة الكهرباء من دون أن يحاول تأمين ضمانات رئاسية؟ (..)”.
في ما يتعلق بموقف صندوق النقد، أكّد يونغ أنّ لبنان لا يمثّل أولوية بالنسبة إليه، متسائلاً عما إذا كان سيصبر على اللبنانيين لحين ترتيب بيتهم الداخلي. وفي هذا السياق، تطرّق يونغ إلى الفيتو الأميركي، متوقعاً أن تكون مسألة عرقلة حزمة إنقاذ محدودة وبالتالي الحكم على الملايين بالفقر الحاد “صعبة”. يونغ الذي رجح أن يوصي الحلفاء الأوروبيون واشنطن بتفادي سلوك هذا المسار، رجح أن يتسم الفيتو الأميركي بالتعقيد، وذلك “إذا ما توصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد، إذ أنّ ذلك يعني أنّ بيروت اتخذت خطوات مقنعة بالنسبة إلى الصندوق”.
في ختام تحليله، أعاد يونغ التأكيد على مسؤولية السياسيين والأحزاب، متوقعاً أن تتخلل الأشهر المقبلة من المفاوضات مع صندوق النقد عراقيل كثيرة، ومشدداً على أنّ لبنان أمام خيار واحد، وهو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد.
المصدر: ترجمة لبنان 24″ – Carnegie