كتب غسان ريفي في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “حوار النكاية والاكراه.. يعمق الأزمة ولا يليق برئاسة جامعة”: “يبدو أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يصرّ على عقد لقاء بعبدا الحواري يوم الخميس المقبل، بالرغم من كل الشوائب التي تحيط به وتضعفه وتحوله من لقاء وطني جامع كان يأمل كثيرون أن يقدم الحلول والمعالجات للأزمات التي ترخي بثقلها على اللبنانيين، الى لقاء سياسي فئوي تشارك فيه تيارات وأحزاب معظمها من لون سياسي واحد، لن تتمكن من إتخاذ قرارات حاسمة، وستكتفي في نهاية المطاف ببيان إنشائي لا يسمن ولا يغني من أمن وإستقرار سياسي وإقتصادي وإجتماعي.
ما يتجه إليه رئيس الجمهورية ليس إسلوب حكم، فرمز البلاد من المفترض أن يكون حكما بين الجميع، وعلى مسافة واحدة منهم،
وضامنا لوحدتهم الوطنية، لكنه تحول بإرداته الى طرف سياسي لا يملك النفس الطويل الذي يحتاجه أي حوار،
ويفتقد الى إمكانية إستقطاب التيارات السياسية تحت مظلة رئاسة الجمهورية.
حتى الآن لا يعلم أي من التيارات السياسية سواء التي أكدت مشاركتها أو تلك التي إعتذرت وكذلك التي تريثت ماهو الطبق الأساسي الذي سيكون على طاولة الحوار،
فإذا كان لمعالجة الوضع الأمني والحد من الفتن المتنقلة بين اللبنانيين على خلفية الثورة،
فالدعوة يجب أن توجه الى مجلس الدفاع الأعلى الذي بات يعلم كل شاردة وواردة في الشارع،
وإذا كان لمعالجة الوضع الاقتصادي فالدعوة يجب أن تشمل خبراء إقتصاديين موثوقين لطرح رؤيتهم من أجل الخروج من هذا المأزق ووقف إنهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار، وإذا كان لمعالجة الوضع السياسي،
فلا يجوز أن تلتئم الطاولة من دون مكونات سياسية أساسية تغيب بغيابها “الميثاقية” لا سيما ضمن الطائفة السنية،
ولو حاولت مصادر قصر بعبدا الرد بكلام لا يليق برئيس الجمهورية الجامع الذي يفترض به أن يستوعب الجميع وأن يحاورهم ويقنعهم بالمشاركة إنطلاقا من مسؤوليته الوطنية.
تستغرب مصادر سياسية سلوك رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل وفريقهما السياسي، فالأول يدعو تيارات سياسية الى طاولة حوار، فإذا لبّت يسارع الثاني والفريق البرتقالي الى إعتبار ذلك إنتصارا، وإذا إعتذرت وعللت الأسباب وقدمت مشروعا يساهم في أن يكون الحوار جامعا، يتناوب الذين يدورون في الفلك البرتقالي على التهجم عليها وصولا الى شتمها وإتهامها من خلال تغريدات تدل على خفة سياسية وتسيء في الوقت نفسه الى الرئاسة الداعية.
عندما تبلورت فكرة الدعوة الى طاولة الحوار الوطني في بعبدا، كان الهدف منها جمع كل المكونات السياسية في لبنان لمناقشة الأوضاع والقيام بمعالجات حاسمة تساعد اللبنانيين على مواجهة الأزمات، لا سيما بعد فشل حكومة حسان دياب في مقاربة أي ملف من الملفت العالقة.
لكن ما يجري يحكم على هذا اللقاء بالفشل قبل إنعقاده بعدما تحول الى عامل إنقسام، ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي الى إقتراح “خارطة طريق تقوم على لقاءات ثنائية تمهد السبيل للقاء وطني موسع، يحترم المؤسسات الدستورية و يبني جدول اعمال أي حوار وطني على ارض صلبة”، والبطريرك الماروني بشارة الراعي الى إقتراح “تأجيل اللقاء لفترة إعدادية ضرورية تمهيدا لاصدار وثيقة وطنية”، إضافة الى تمني الرئيس أمين الجميل للتأجيل لمزيد من الدراسة، لكن يبدو أن منطق “النكاية” يسيطر على الرئيس عون وفريق المستشارين الذين يجدون في إنعقاد اللقاء فرصة لتصفية الحسابات أكثر من الخروج بنتائج إيجابية وبقرارات قابلة للتنفيذ!..”.