حين يزور الزعيم المقبرة
مرة ثانية، نتوقف عند نص كتبه الأديب الأردني الساخر باسل طلوزي، وهو بعنوان “زعيم المقبرة”، وقد نشرته صحيفة العربي الجديد / لندن، في العدد 920، الصادر في 09 / آذار / 2017.
يبدأ الكاتب نصه بتمهيد يبعث على العجب إلى حدّ ما:
تباينت التفسيرات عن الأسباب الكامنة وراء هوس الزعيم المتأخر بزيارة مقبرة البلد يومياً.
ويتابع تمهيده بالمزيد فيقول:
أكثر من ذلك، بات الزعيم أشد حرصاً على العناية بالمقبرة، فقد أوعز بتخصيص فرق عمل لنظافتها وتبليطها، كما أمر بتنظيم إحتفالات خاصة بكل قبر جديد يتم افتتاحه، وأن ترافق الميت جوقة موسيقى تعزف له، حتى يتم الإنتهاء من مراسم الدفن.
ليفتح بعدها باب الإحتمالات الممكنة، وبالتأكيد بنيّة طيبة:
وذهبت معظم التحليلات إلى أن هذه الزيارات مؤشر على أن الزعيم بات حريصاً على تذكر الموت، وأنه يريد الإتعاظ من دنياه لآخرته، وهو ما أدخل مسحة من الطمأنينة على نفوس الشعب، الذي شعر بأن تحولات الزعيم لا بد أن تنعكس عليه بالضرورة، فيخفت مستوى القمع قليلاً، فلعل الزعيم اهتدى أخيراً وأصبح مؤمناً ب؟أن الموت حق، وبأن عليه أن يكون أكثر رأفة بشعبه، قبل حلول أجله.
ولكن علينا أن لا نرى وجها واحداُ من هذا التغيّر المفاجىء، لأنه:
على الجانب الآخر، الذي لم يدركه الشعب، كان للزعيم الذي زار المقبرة لأول مرة في حياته، حسابات أخرى، فقد اجتذبه ذلك الهدوء الغريب الذي يخيم على أرجاء المقبرة، على الرغم من أن المقيمين تحت التراب هم أفراد من الشعب، الذين كانوا قبل قليل، يجأرون بالشكوى صباح مساء، مطالبين بالحريات والخبز والوظائف، أما هنا في المقبرة، فلم يعد يطالب أحد بشيء.
فوصل الأمر بالزعيم إلى اتخاذ الإجراءات التي يراها فقط هو مناسبة، وأصدر القرارات:
عموماً، وبعد أن استفحل هوس الزعيم بالمقبرة، أمر بنقل عرشه إليها ليمارس سلطاته من هناك، كما أمر بتوسيعها لتشمل الوطن كله.
نبيل عرابي – سكوبات عالمية