بعد الانتخابات الأميركية سيعقد الاتفاق الأميركي الإيراني. أو هذا هو رهان باسيل الحقيقي، بإبقاء علاقته قوية مع حزب الله وتقديم فروض التقرب من الأميركيين، من خلال قوله “نحن خيارنا دوماً نحو الغرب”. لن يتنازل باسيل عن علاقته بطرف على حساب الآخر. ويؤمن أن نقطة قوته هي في الجمع بين الطرفين، ولو بعد فترة طويلة من الشقاء والضغوط. يراهن باسيل على أي اتفاق أميركي إيراني، يعيد تعويمه سياسياً.. وربما رئاسياً. كما كانت الأمور في أعقاب الاتفاق الإيراني الأميركي الذي أنتج رئاسة ميشال عون. فيما معارضوه يعتبرون أن ما صح على عون لن يصح على باسيل، وهناك متغيرات كثيرة حصلت وستحصل، ورهانه لن يصح.
الغضب والسفراء
لذلك، مرر في كلامه ظهر يوم السبت أنه لا يريد أن يكون رئيساً للجمهورية، بل محاربة الفساد. وحضّ حلفاءه، وخصوصاً حزب الله على دعمه. حربه الداخلية هذه هدفها تطويق كل خصومه في شعبيتهم وفي نفوذهم داخل الإدارة، بالاستناد إلى حزب الله، مقدماً له كل ما يريده، طالما أن “اتفاق مار مخايل لن يهزّه شيء”. واستهدف باسيل بشكل مباشر كل محاولات التحالفات الثنائية التي يتم نسجها، خصوصاً بين سليمان فرنجية وسعد الحريري، فهاجم الاثنين بلؤم واضح. وهو أكثر من ذلك، صحيح أغضب الأميركيين بالتعيينات المالية التي أقرت، لكنه أحال الغضب على خصومه، معتبراً أن الغضب الأميركي سيتم إيجاد حلّ له عند لحظة الاتفاق وتخفيف الضغوط. ولكن الآن الفرصة مناسبة للاستحواذ على كل شيء. وتوجه إلى من اعترض على التعيينات بالقول: “بإمكانكم تحريض السفراء والاستنجاد بهم بسبب التعيينات، ولكن ذلك لن يثنينا”. هذه الجملة تبوح بالكثير. أي أنه لن يتراجع عن طموح السيطرة على مفاصل الدولة، فيما الآخرون ليس لديهم إلا اللجوء إلى تقديم الشكاوى إلى السفراء والدول. فمواقف الدول، بحساب باسيل، ستتغير فيما بعد.. وستكون إلى جانبه.
مسلسل الأزمات
داخلياً لم يقدم باسيل شيئاً جديداً، كرر المواقف نفسها بتحميل المسؤوليات إلى الآخرين، من ملف الكهرباء إلى الاتصالات وغيرها. فهاجم كل خصومه بمواقف متكررة. تبنى مجدداً حماية الحكومة بعد أن نفض يده منها سابقاً. وهذا التبني يأتي متكاملاً مع مضمون خطاب نصر الله وتوجه حزب الله. كما أن باسيل على أي حال قادر على فعل ما يشاء من خلال هذه الحكومة. وركز على ضرورة دعم مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي، لأنها الفرصة الوحيدة أمام لبنان للحصول على مساعدات. اعتبر باسيل أن لبنان مطوق بالأزمات من الداخل والخارج، ولا بد من البحث عن مخارج، لأن الحكومة والعهد والمعارضة والناس بأزمة. دعا الجميع إلى المساهمة بالمساعدة لأن الرهان على مجيء الحلول من الخارج أمر غير واقعي. لافتاً إلى أن الخطاب والإستفزاز الطائفي يضعف لبنان وكذلك الرهان على الأمن الذاتي. والخلاف على سلاح حزب الله والشعارات التي تطرح تخسِّر لبنان. كذلك فتح النقاش حول القرار 1559 وصفقة القرن، وأيضاً الخلاف على الأرقام والخسائر في الخطة المالية، تضعف لبنان كثيراً.
بالتفاهم مع الحزب
في “الاستراتيجيات” التي تحدث عنها باسيل أكد أن توجهات لبنان غربية وليست شرقية، ولكن بحال خسر لبنان خيار الحصول على مساعدات من الغرب، فإنه سيجبر على التوجه إلى الشرق “وهو ليس خيارنا ولا يكون إلا إذا فرض علينا وخسرنا التعامل مع الغرب، وخسرنا الحصول على المساعدات من المجتمع الدولي ومن صندوق النقد الدولي، نحن لا نريد إدارة ظهرنا إلى الغرب، لبنان مزروع في الشرق ووجه دائماً إلى الغرب”. معتبراً أن قانون قيصر ليس قانوناً دولياً ولكن أميركا لديها القوة لتطبيقه. وإذا طبق يعني محاصرة لبنان. واعتبر أنه لا يمكن قطع لبنان عن سوريا وهي حدوده الوحيدة مع العالم العربي. معلناً أنه لا يريد المواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية.
وحسب المعلومات، أنه تفاهم على حرفية كلامه مع حزب الله الذي منحه هامشاً واسعاً من المناورة للحفاظ على وضعيته وواقعه.
محصلة كلامه هي أن: “أميركا لديها انتخابات رئاسية وترامب يريد التفاوض وعقد اتفاق مع إيران”. يراهن باسيل على حصول اتفاق أميركي إيراني، ولو بعد حرب غير منتظر أنها ستحصل. وهو سيغير الكثير من الأمور لديها وسيريحنا. وعلينا ممارسة سياسة الصمود، والذي يجب أن يتكرس بالعمل على الإصلاحات والاقتصاد المنتج. وهناك فرصة للبنان بأن يغير وجهة اقتصاده.