اذ كان لبنان قد نجح في السيطرة على وباء كورونا- ان جاز التعبير بفضل القطاع الطبي ووعي معظم اللبنانيين والعناية الإلهية – فلم ينهار القطاع الصحي وعجز عن استقبال المصابين على غرار ما حصل في العديد من الدول…
ولكن هذا لا يعني ان القطاع الاستشفائي والطبي في لبنان بافضل حاله… بل على العكس تماما “الامن الصحي” بخطر والانهيار يلوح في الافق… وصفة “لبنان مستشفى الشرق” التي تميز بها نتيجة كفاءة الاطباء واستعمال المعدات والاجهزة بجودة عالمية مهددة بالزوال، والسبب … “فتش عن الدولار”.
ونتيجة لتدهور العملة الوطنية لجأ مستوردو المستلزمات الطبية – بحسب نقابة المستشفيات- إلى إصدار فواتيرهم بالدولار الأميركي، والإصرار على قبض جزء منها لا يقل عن 15 في المئة – وقد يصل إلى 25 في المئة أحياناً – على أساس سعر صرف السوق الموازي، والذي يتجاوز الـ5000 ليرة… وهذا الأمر يتسبّب بكوارث مالية للمستشفيات، إن لجهة عدم توفر الدولار الأميركي لديها، أو لجهة تأمين الـ15 في المئة أو الـ25 في المئة بسعر السوق الموازي.
وبالتالي هذا الوضع الكارثي، انعكس تلقائيا شحا في المواد المستعملة في الجراحات، لا سيما جراحة العظام ، حيث علاج الكسور وترميم العظام يحتاج الى Internal Fixation من براغي و بروتيز وبلاكات… وهذه تصنّعها شركات مختصة، والاجود في هذه المجال هي الصناعات الالمانية والاميركية، وقد تكون الاميركية هي الاكثر استعمالا في لبنان.
وفي وقت تكثر فيه الحوادث التي تسبب بكثور في فصل الصيف، لا سيما من زاوية ممارسة العديد من الرياضات، يحذّر مصدر طبي قائلا: “عليكم مضاعفة الانتباه”، فقد نصل الى مرحلة جلّ ما تقدم فيها المستشفيات هو بعض المسكنات لتخفيف الالم”! مضيفا: قد يعتقد البعض ان هذا الكلام مبالغا فيه، لكن مخزون المواد المستعملة في جراحة العظام بدأ يشح! حيث ان وكلاء الشركات الذين كانوا يستوردون حاجة لبنان لفترة اربعة شهر، لم يعد باستطاعتهم تأمين الكميات المطلوبة نظرا الى عدم توفر المبالغ بالدولار.
وكشف المصدر عبر وكالة “أخبار اليوم” انه نتيجة لانخفاض هذا المخزون، احجم الوكلاء عن تلبية حاجات المستشفيات الصغيرة او الموجودة في مناطق الاطراف، مقدمين عليها المستشفيات الجامعية الكبيرة… مع العلم انه حاليا هناك نقص في بعض احجام الشرائح المعدنية ونوعيتها، قائلا: لا نصنّع شيئا في لبنان.
وهل هناك مصادر اخرى لهذه المواد، اجاب المصدر: قد تصنّع في بعض الدول الاوروبية و تركيا، وباسعار ارخص، لكنها ليست ذات جودة عالية، مشيرا الى ان اطباء لبنان لا يساومون على الـ premium quality.
وإضافة الى ازمة الاستيراد، جراحة العظام تصطدم ايضا بمشاكل لجهة تغطية العمليات من قبل شركات التأمين والجهات الضامنة اكان رسمية او خاصة، حيث انها لم تعد تعترف بعدد كبير من العمليات او ليس لديها القدرة على تغطيتها.
وفي هذا السياق، سأل المصدر: الم يكن المسؤولون على علم بهذا الواقع، قائلا: يبدو انهم لا يدركون اننا سنصل الى الاسوأ، آسفا الى ان القيميين على الدولة لا يحركون ساكنا.
واضاف: نرى الانهيار امامنا، وبعد اسابيع “كلمة يا ليت لن تنفع بشيء”، مذكرا اننا منذ اربعة اشهر نرفع الصوت ونتواصل مع المعنيين دون ان نجد آذانا صاغية.
وختم: المستوى الطبي المتقدم في لبنان قد يصبح من الماضي، لا بل قد نصل الى “مستوى الدول المتخلفة”.