سقطت خطة الحكومة عملياً، ولو انّه لم يتمّ الاعلان حتى اللحظة رسمياً عن هذا السقوط المدّوي.
وبعد التشريح الذي تعرّضت له الخطة في لجنة المال والموازنة، ظهرت الثغرات المميتة، وتبيّن انّ أرقام الخسائر مُبالغ فيها، بلا أي مبرّر علمي أو منطقي.
عقدت لجنة المال والموازنة النيابية جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان ناقشت في خلالها تقرير «اللجنة الفرعيّة لتقصّي الحقائق» المنبثقة من لجنة المال والموازنة،
وعرضت كافة خلاصات عملها. وبعد العرض والشرح لكل المعطيات التي بحثتها اللجنة الفرعية لناحية الأرقام والمقاربات،
تمّ تحديد أرقام تقريبية، هي نتيجة خلاصة عمل بمشاركة كافة الجهات المعنية (وزارة المال، مصرف لبنان وجمعية المصارف).
وبناءً على الشرح، وافقت اللجنة على الأرقام والمقاربات التي وصلت إليها «لجنة تقصّي الحقائق»،
وستترجم سائر هذه الشروحات والمقاربات في التقرير المفصّل الذي سوف يرفعه رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإجراء المقتضى».
وفي هذا الاطار، اوضح عضو لجنة المال والموازنة النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»،
انّ اللجنة اعتمدت فرضيات مغايرة تماماً لتلك المعتمدة ضمن خطة الحكومة بعد التدقيق في المقاربات المعتمدة في خطة الحكومة والتي تبيّن انّها غير علمية.
وكشف انّه تمّ التوصّل الى خفض حجم الخسائر المقدّرة في خطة الحكومة من 241 الف مليار ليرة الى حوالى 150 ألف مليار،
بشكل مؤكّد ومُوافق عليه من قِبل صندوق النقد الدولي، وقد ينخفض حجم الخسائر الى 82 ألف مليار ليرة في حال تمّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول المقاربة الجديدة التي توصلت اليها اللجنة والمتعلّقة بسندات الخزينة بالليرة اللبنانية وديون مصرف لبنان للمصارف.
وعدّد جابر التعديلات التي توصلت اليها لجنة تقصّي الحقائق:
– خفض قيمة خسائر القروض المتعثرة من 40 الف مليار ليرة، مقدّرة في خطة الحكومة، الى 14 ألف مليار، بعد مراجعة لجنة الرقابة على المصارف،
التي اكّدت انّ خطة الحكومة لم تأخذ في الاعتبار انّ 53 في المئة من القروض المتعثرة تقابلها ضمانات،
وبالتالي لا يمكن اعتبارها متعثرة. وبالتالي يكون حجم الخفض في الخسائر قد بلغ 36 ألف مليار ليرة.
– تفاوض مصرف لبنان مع صندوق النقد الدولي لخفض حجم الخسائر المتراكمة في ميزانيته، والمقدّرة في خطة الحكومة بـ 66 ألف مليار ليرة، الى 4 آلاف مليار ليرة، وذلك بعد اعادة تقييم الذهب ورأسمال البنك المركزي والعملة المطبوعة غير الموزعة (seigniorage).
وقد وافق صندوق النقد الدولي حول هذا الخفض الكبير البالغ 62 الف مليار ليرة.
– تفترض خطة الحكومة اقتطاع نسبة 40 في المئة من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، رغم انّ معظم دول العالم لا تقوم بالاقتطاع من الدين الداخلي، علماً انّ تلك السندات خسرت 65 في المئة من قيمتها نتيجة تدهور سعر صرف الليرة.
وبالتالي رأت اللجنة انّ حاملي تلك السندات قد خسروا من قيمتها حتى عند احتساب سعر صرف الليرة عند 3500 مقابل الدولار.
وبالتالي أيّدت اقتراح جمعية المصارف بإلغاء الاقتطاع من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية،
ما من شأنه ان يخفّض حجم الخسائر الاجمالية في خطة الحكومة بحوالى 26 ألف مليار ليرة.
– لا يمكن احتساب حجم ودائع المصارف لدى مصرف لبنان والبالغة 89 ألف مليار ليرة،
كخسائر كما اعتبرتها خطة الحكومة، لأنّه وفقاً لمعايير الـ IFRS التي تعتبر انّ كامل استحقاقات البنك المركزي يجب ألاّ تُعتبر خسارة بل تُمنح توقيتاً تدريجياً لاحتساب تلك الخسائر.
وبالتالي، قرّرت لجنة التقصّي اعتبار كامل استحقاقات مصرف لبنان لغاية 7 سنوات فقط، كخسائر،
وليس استحقاقاته لآجال أطول. مما ادّى الى خفض تلك الخسائر المقدّرة في خطة الحكومة من 89 الف مليار ليرة الى 45 الف مليار ليرة، منها 9 آلاف مليار سبق ان اعادها مصرف لبنان للمصارف عندما احتاجت الى السيولة.
– اتبّعت خطة الحكومة مقاربة خاطئة في احتساب تقديرات الناتج المحلي في العام 2020 حيث قدّرته عند 26 مليار دولار مقارنة مع 55 مليار في العام 2018،
من خلال تحويل حجم الناتج الى الليرة اللبنانية على سعر صرف الـ1500 ليرة وإعادة تحويلها الى الدولار على سعر صرف الـ3500 ليرة.
وهي مقاربة غير معتمدة في أي نظرية اقتصادية ومالية. وبالتالي، طالبت لجنة التقصي من مديرية الاحصاء المركزي،
تقدير نسبة الناتج المحلي الاجمالي للعام 2020 وفقاً للبيانات المتوفرة، وخلصت التقديرات الى عدم امكانية تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي عن 33 مليار دولار.
وشرح جابر في هذا الاطار، انّ أهمية تقديرات حجم الناتج المحلي تكمن في المعيار المتبع من قبل صندوق النقد الدولي لنسبة الدين العام الى الناتج، والتي يعتبر انّها لا يجب ان تتخطّى نسبة 100 في المئة.
وبالتالي، فإنّ حجم الدين العام المتوقع، بعد الاقتطاع من سندات اليوروبوند وبعد احتساب قيمة سندات الحزينة على سعر صرف الـ3500 ليرة، يبلغ حوالى 31 مليار دولار.