تُطلق عليهم ألقاب كثيرة، ويُنعتون بأوصاف لا تُعدّ ولا تُحصى. هم مندسون. تخريبيون. قطّاع طرق. شذاذ الأفاق. خارجون على القانون. سفلة. منحطّون.
وعندما يعجز اللسان عن الوصف يُقال عنهم طابور خامس.
ينزلون إحتجاجًا على عجز السلطة في لجم جنون الدولار، الذي أطاح بالليرة اللبنانية، التي أصبحت قيمتها كقيمة قشر البصل.
ينزلون ليقولوا بالصوت العالي “كفى”. كفى إستهتارًا بهذا الشعب السائر غصبًا عنه نحو الجوع بعدما أصبح الفقر ملازمًا لكلمة “لبناني”.
ينزلون لإسماع صوتهم إلى من بهم صمم.
ينزلون ليملأوا الشوارع والساحات غضبًا مشروعًا ومقدّسًا.
ينزلون من حرقة قلب أهل على مستقبل غامض لأولادهم.
ينزلون وفيهم خوف ربهم، وهم يؤمنون بأن الشكوى لغير الباري مذّلة ومهانة.
أمّا الآخرون، الذين لا ناموس لهم، فينزلون ليعيثوا في الأرض فسادًا، ويعملون في الأملاك العامة والخاصة خرابًا، ويدّنسون الأرض الطاهرة، ويستبيحون كل شيء. يتسترون بالناس الشرفاء، الذين يمارسون حقهّم الطبيعي في التعبير عن وجعهم، ويلبسون لبوس الحملان وهم ذئاب كاسرة. يحملون الحجارة ليرشقوا بها القوى الأمنية، من جيش وقوى أمن داخلي. يصبّون حقدهم الأعمى على المحلات التجارية، التي لا تسلم واجهاتها من التكسير ومحتوياتها من الحريق.
إنهم يستبيحون كل شيء.
ينزلون من أجل التخريب والتكسير. ينزلون بين المتظاهرين لضرب صورة هذه التظاهرات ويشوهون مسيرتها وأهدافها. يختلطون بالناس الشرفاء كما يختلط الزوأن بالقمح فيفسده.
لهؤلاء أعدّت القنابل المسّيلة للدموع، ولهم إستُحضرت الهراوات. ولمثل هولاء كانت السجون، لأن خطيئتهم مضاعفة، وكذلك يجب أن يكون العقاب.
إنهم حفنة من الرعاع المعروفين من قبل الأجهزة الأمنية، التي تعرف من أين يأتون وما هي أهدافهم وغاياتهم الخبيثة، ويعرفون أيضًا من هي الجهات التي تقف وراءهم وتحرّضهم وتدفع لهم وتموّنهم حقدًا وغدرًا لأهداف لم تعد خافية على أحد، لأنها باتت مكشوفة.
فرحمة بالناس الشرفاء التي تنزل إلى الساحات بكل نية حسنة من أجل المطالبة بلقمة عيش نظيفة نقول للقوى الأمنية: إضربوا بيد من حديد. إضربوا ولا ترحموا. إحموا الناس من الزعران والمرتزقة. إحموا المسيرات النظيفة من كل شرور الأشرار. إفتحوها واسعة ابواب السجون. لا تتهاونوا مع الذين تعرفونهم بالإسم واحدًا واحدًا. ميّزوا بينهم وبين “الأوادم”. لا تكيلوا بالمكيال نفسه.
كونوا حماة الأرزاق والأعراض. دافعوا عن الملكية العامة والخاصة. لا تترددوا في توقيف من يجب توقيفه. لا توقفوا من يطالب بحقه سلميًا. بل أوقفوا من يحاول سلبكم هيبتكم وهيبة الدولة وأجهزتها والإنقضاض على الإنتظام العام.
إحبطوا المؤامرة في مهدها. إن أنتم فعلتم، وأنتم لفاعلون، تحمون لقمة عيشكم قبل أن تحموا لقمة عيش الناس، لأن سيف الجوع مصلت على رقابكم أيضًا، كما على رقاب كل الناس.
وفيما كان الناس الشرفاء يطالبون بعيش كريم، كان الآخرون يتحضّرون، وكان رئيس الحكومة ينعي ويشتكي، مثله مثل أي مواطن يكتوي بنار الفساد. سمعنا دولته يتحدّث عن مافيا الفساد ولم نسمع منه عن إسم فاسد واحد، وكأن هؤلاء الفاسدين أشباح لا أجساد لهم.
المصدر: لبنان 24