في الواقع، ومنذ تشكيل حكومة حسان دياب كان هناك شعور لدى غالبية القوى السياسية بأن هذه الحكومة تشكلت لإنعدام الخيارات،
وأن لا أحد يدعمها فعلياً سوى “حزب الله”، لاحقاً ركبت الكيميا بين دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون فصار احد داعميها الجديين، لكن الحكومة التي كادت تشكل فرصة للبعض القوى السياسية لتحقيق الانجاز أمام الرأي العام استنزفت وباتت ثقلاً وعبئا عليها.
بري وجنبلاط يريدان الحريري،
ومعه حكومة وحدة وطنية كاملة الأوصاف السياسية تمهد لفتح حوار جدي مع الغرب لتحسين الأوضاع ووقف الإنهيار في الوقت الضائع قبل التسويات الكبرى التي تلوح في الأفق من بعيد. نية الرجلين لم تكن يوماً خفية، لكن “حزب الله” لعب دوراً جدياً في كبح هذا التوجه معهما، في المباشر وغير المباشر، فأهدت الحكومة فرصتها.
أما الرئيس ميشال عون،
الذي يتمنى، وفق العارفين، التماهي مع دياب وإنجاح الحكومة، بات يشعر ان هذه الصيغة لن تمشي، وأن العهد يتجه الى مزيد من الإستنزاف. قد يكون عون ينظر الى التجربة العراقية بالتسوية المرحلية على القطعة، اي الذهاب الى تسوية لبنانية مرحلية توقف الإنهيار عند حده الحالي وتفتح أبواب مغلقة أمام الدولة اللبنانية، وهذا لن يتم طبعاً بحكومة دياب، بل بحكومة تشبه حكومة الكاظمي في العراق.
أمام هذا المشهد يقف “حزب الله” على الحياد، ضمناً بات متصالحاً مع فكرة الذهاب الى الانهيار الكامل والبدء من جديد، وهو اعدّ العدة لبيئته لتكون جاهزة لئلا تتعرض لأقل قدر من الخسائر، وتالياً فليصرخ حلفاء الولايات المتحدة في لبنان أولاً وتأتي التسوية اليه بدل أن يلهث هو وراءها. غير ذلك فلتتفق القوى السياسية على ما تريد والحزب جاهز لأن يسير به، بشرط واحد ان يكون ممثلاً في الحكومة وان يكون حليفاه الاساسيان راضين. حكومة وحدة لديها قاعدة شعبية سنّية هي رغبة الحزب الأساسية فإن تشكلت لن يمانع ولن يعرقل شرط ان تكون سياسية واضحة المعالم، أما تطيير الحكومة من دون بديل فهذا خطّ احمر من خطوط حارة حريك الرئيسية.
في الخلاصة يبقى رأي الحريري، الراغب حتماً بالعودة الى السراي والمتوجس من العودة في الوقت نفسه من دون حلّ وغطاء اقليمي يمكنه من وقف الانهيار او إنهاءه وهذا، حتى كتابة هذه السطور لم يتوافر بعد. فالأميركيون يرغبون بتجربة الذهاب نحو الإنهيار الكامل لمعرفة تأثير الأمر على الحزب قبل الشروع في المفاوضات الجدية مع الإيرانيين.
اذاً، قد يكون الكل راغب بتبديل حكومة دياب لكن هل نحن أمام فرصة جديدة لإيجاد البديل، او لقبوله؟ هذا هو السؤال الأبرز.