71 % من طلاب لبنان يدرسون في قطاع التعليم الخاص.
يبلغ عدد هؤلاء 730 ألفاً، موزّعين على 1626 مدرسة خاصة، بحسب رئيس “مصلحة التعليم الخاص في لبنان” عماد الاشقر.
مع الإشارة إلى أنّ القطاع الخاص في لبنان 3 أنواع، خاص غير مجاني، خاص يأخذ من الدولة مساعدة، والخاص تابع للاجئين “الأونروا”.
وهؤلاء يوظّفون بحسب معلومات “أساس” أكثر من 70 ألف شخص.
لا ينفي الأشقر في حديث لـ”أساس” أنّ المدارس الخاصة في العناية الفائقة: “الأزمة بدأت العام الماضي وبنسب كبيرة.
فالكثير من المدارس لم تحصّل أكثر من 60 أو 70 % من أقساطها”.
ويتوقع الأشقر حركة نزوح كبيرة العام المقبل من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي، مقدّراً الرقم بـ100 ألف طالب،
مع العلم أنّ 24 ألف طالب كان قد نزحوا في بداية هذا العام.
ويشير في السياق نفسه إلى أنّ بعض المدارس ستغلق أبوابها نهائياً: “بين 500 أو 600 مدرسة لا سيما في الأطراف، بين عكار والبقاع وأقصى الجنوب”.
وخلافاً للشائعات التي تنتشر عبر مواقع التواصل عن إعلان بعض المدارس إغلاق أبوابها، فإنّ أيّ مدرسة لم تبلغ الوزارة حتّى اللحظة بهذا القرار، لكنّ الأخبار بدأت تنتشر في أروقة عشرات المدارس “المخوطرة”.
هل لدى المدارس الرسمية قدرة على استيعاب هذا العدد من الطلاب؟
لا ينكر الأشقر في حديثه لـ”أساس” عدم وجود قدرة استيعابية،
موضحاً أنّ وزير التربية يتابع موضوع المدارس الخاصة وأنّ اجتماعات دورية تعقد بين الأذرع الثلاثة: المدرسة والأهل والمعلّمين، ولكن حتى الآن لا حلول جدّية.
“الكارثة” التي تترقّب المدارس الخاصة وقوعها، يؤكد عليها مدير “مدرسة الرواد الدولية” عامر أرناؤوط،
الذي يلفت في حديث لـ”أساس” إلى أنّ الأرقام المتداولة تشير إلى احتمال نزوح “بين 85 ألف و130 ألف طالب من جميع الاختصاصات إلى التعليم الرسمي، وأكثرهم بين الصف السابع والصفوف الثانوية”.
هذا الرقم بحسب أرناؤوط هو رأس جبل جليد “الأزمة”. فالمدارس الرسمية في المدن الكبرى،
إن في طرابلس أو بيروت أو صيدا أو صور أو النبطية أو بعلبك، لا قدرة لها على استيعاب أيّ طالب،
لا في التعليم الصباحي ولا في الدوام المسائي، لا سيما وأنّها مكتظة أصلاً. أما فيما يتعلّق بالقرى،
فقدرتها الاستيعابية محدودة في ظلّ حجم الأزمة، ولا تتخطّى الـ17 %. ولذا، فإنّ ما يقارب الـ75 ألف طالب ربما يكونون بلا مقاعد دراسية العام المقبل.
المدارس الخاصة تتخبّط بعد قرار وزير التربية والتعليم طارق المجذوب إنهاء العام الدراسي.
الدكتورة غنى البدوي، المديرة العامة لإدارة الشؤون التربوية في “جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية”،
تؤكد لـ”أساس” أنّ الوضع سيء جداً في مدارس المقاصد: “الوزارة لم تسدّد لنا المستحقات منذ 5 سنوات، ونحن لنا بذمتهم أكثر من 24 مليار ليرة”.
من أصل 24 مدرسة تابعة لجمعية المقاصد، هناك 18 مدرسة مجانية،.
فيما سقف الأقساط في المدارس غير المجانية هو مليون ليرة: “لا أقساط ولا مساهمات من وزارة التربية” تقول بدوي، لافتة إلى أنّ مدارس المقاصد تعلّم 9 آلاف طالب.
لا تنكر بدوي التوجّه لإغلاق عدد من المدارس المجانية في حال لم يتمّ تحصيل جزء من المستحقات “وربما معظمها”. والرقم هو أكثر من 10 تضمّ 3 آلاف طالب، سيكونون أمام مصير مجهول، ما لم تتحرّك الوزارة جدّياً في هذا الملف.
فكيف هو التصوّر للعام الدراسي المقبل؟
يتوقع أرناؤوط عاماً دراسياً جديداً سيئاً على القطاع الخاص الذي فقد القدرة على إجراء تسويات مع الأهالي،
في ظلّ المبالغ الطائلة المتراكمة، إلاّ في حال اتّخذت الدولة قراراً يدفع وزارة الشؤون الاجتماعية لتحمّل ما نسبته 20 % من طلاب كلّ مدرسة، وهم العائلات الأكثر تضرّراً بسبب كورونا.
دعم الدولة وتثبيت القطاع الخاص هو الحلّ الوحيد للأزمة، وفق ما يؤكّد أرناؤوط،
إذ لا إمكانية لشراء مدارس جديدة أو حتّى التوظيف بعد قرار منع التوظيف الذي تضمّنته الموازنة. فـ75 ألف طالب يحتاجون وفق استراتيجية الدولة في التوظيف، لـ32 ألف موظّف.
العام المقبل بحسب أرناؤوط لن يشهد إغلاق العديد من المدارس الخاصة، باستثناء الصُغرى التي تضم أقل من 200 طالب. فهذه المدارس التي لا يتجاوز عددها الـ50 لا قدرة لها لا على دخول عالم التعليم “أونلاين” ولا على إجراء إصلاحات أو دعم طلاب العام الماضي. أما عدد طلابها فيقارب الـ7 آلاف. إلى ذلك يتوقّع أرناؤوط التوّجه لدمج بعض المدارس الخاصة في المرحلة المقبلة وتوزيع الاختصاصات، في محاولة مواجهة الأزمة.
أزمة المدارس الخاصة، ستقابل بأزمة بطالة، إذ سيكون هناك بين 20 و23 ألف موظّف وأجير في القطاع الخاصّ سيخسرون وظائفهم في شهر تموز المقبل. فالمرحلة الذهبية ولّت وسيتمّ الاعتماد على الحدّ الأدنى، لا سيما وأنّ لا إمكانية لدى المدارس الخاصة لزيادة الأقساط بشكل كبير.
رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية، راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة، يرفع الصوت عبر “أساس”، موضحاً أنّ “العلم اليوم مهدّد بطريقة جدّية. إذا تخطّينا أزمة الأكل والشرب والطبابة سنقع في أزمة العلم. نحن في المدارس الكاثوليكية لدينا 187 ألف طالب، إضافة إلى 71 ألف عائلة مرتبطة بهذا الجسم التربوي وهؤلاء اليوم في العناية الفائقة”.
يتمنّى المطران رحمة من الحكومة وضع الأمور على الطريق الصحيح، وتحمّل المسؤولية: “الواقع أنّ العديد من المدرسة ستغلق أبوابها. وهناك من يقول ليذهب هؤلاء إلى المدارس الرسمية. هم سيتحمّلون المسؤولية والآتي قريب. وأنا أتأسف أن تصل الأمور لهذه المرحلة. فخسارة هذا القطاع هو خسارة جزء من هوية لبنان”.
المطران رحمة وعند سؤاله عن القدرة الاستيعابية للمدارس الرسمية في ظلّ حركة النزوح المتوقعة، يجيب: “بالطبع لا قدرة استيعابية. سمعت منذ أيام أحد الرسميين يقول ليأتوا إلى الرسمي ونحن سنهيّء لهم أماكنهم. هؤلاء لديهم أوهام كبيرة، القطاع الرسمي لا يستطيع أن يستوعب ولو كان مجهّزاً ومهيّأً وهو ليس كذلك”.