يعتبر المطبخ اللبناني من أشهى المطابخ العربية، ويشتهر شعب لبنان بحبهم للطعام وتنوعه على سفرتهم، إلا أنه مع تفاقم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، لم يعد أمام الجميع حرية اختيار ما يأكله، كما أصبح الجميع يخشى من الجوع في الأيام المقبلة، وفقاً لتقرير أجرته صحيفة واشنطن بوست.
فقد تسببت الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية في ارتفاع أسعار الكثير من المواد الغذائية، حتى أصبح الكثير منها في غير متناول اللبنانيين، فعلي سبيل المثال بلغ سعر كيلو اللحم المفروم أكثر من 18 دولار.
وأكد مصطفى، جزار يبلغ من العمر 73 عامًا في بيروت، رفض ذكر اسمه بالكامل خوفا من الحكومة، أن الزبون كان يتصل به كل يومين ويسأل إذا كانت الأسعار قد انخفضت، قائلاً: “يتصل ويقول لا، هذا باهظ الثمن ويغلق الهاتف”.
وحتى الطماطم التي تعتبر إحدى المكونات الأساسية في الكثير من الأطباق اللبنانية، تضاعفت أسعارها حتى أصبح الناس غير قادرين على شرائها، وذكر أحد البقالة أن المتسوقين الذين اعتادوا على شراء عدة كيلوغرامات من الطماطم، أصبحوا لا يشترون إلا نصف أو بضع حبات فقط.
وفي مدينة طرابلس الشمالية، التي تشتهر عالميا بحلوياتها، أصبحت محلاتها الشهيرة خالية من الزبائن، بالرغم من أن شهر رمضان هو الموسم الذي تزدهر فيه صناعة الحلويات.
وقالت أم أحمد، من سكان طرابلس، بضجر: “لا يمكننا حتى شراء الحلوى. محلات الحلويات مفتوحة، ولكن لا يوجد مال”، أما زوجها أبو أحمد فأضاف ساخراً: “حسنا، هناك من يملك المال، مثل وزرائنا وأعضاء البرلمان – حفظهم الله”.
ولقد أدت عقود من سوء الإدارة المالية والفساد إلى تعميق المشاكل الاقتصادية في لبنان، فانهارت الليرة اللبنانية وارتفعت مستويات البطالة بشكل كبير.
وكانت احتجاجات شعبية كبيرة اندلعت في أكتوبر الماضي، مطالبة بإنهاء الفساد والمحسوبية، لكنها هدأت مع تفشي فيروس كورونا، وعادت على نطاق أصغر خلال الأيام الماضية بعد انخفاض سعر الليرة لأقل من 4000 للدولار، بعد أن كان تم ربطها لعقود على 1500 للدولار.
وصرحت أم أحمد: “كل شيء باهظ الثمن، كل شيء يتجاوز التكلفة. لقد تحمل الناس الكثير بالفعل”.
وأشار أبو أحمد: “كنت تعيش أفضل أيامك في رمضان، في الأيام العادية، مهما كان الطعام الذي تقدمه، سيأكله الناس. لكن في رمضان، تصوم طوال اليوم لمدة 13 ساعة لتتناول في النهاية وجبة تجلب لك السعادة وتجلب لأطفالك الفرح. ولكن الآن، انتهى هذا الشعور”.
بدوره، أكد حاتم عجيب، سائق سيارة أجرة في بيروت، أنه حاول سحب 66 دولارًا من مصرفه، لكن قيل له يُسمح بسحب 100 دولار في الأسبوع.
وقال ضاحكًا قبل أن يتحول إلى الصراخ ويضرب عجلة القيادة بيده في إحباط واضح: “لقد كنت أعمل لمدة شهر دون بلوغ 100 دولار، كيف سأحصل عليها هل أجلس بدون طعام؟”
وفي سوق مترامية الأطراف على مشارف العاصمة، حيث يشتري البقالون بضاعتهم، بدا أن أربع نساء سوريات يرتدين ملابس فضفاضة، وحجاب أسود، يتسوقون، وعندما سُئلن عما يعتزمن إعداده للإفطار، قالت “يعتمد على الخضار التي يرمونها”.
وأكدن أن أزواجهن لاجئون سوريون فقدوا وظائفهم، وأنهم لم يتذوقوا طعم اللحم طوال شهر رمضان، وقالت إحدى النساء بصوت منخفض : “أحياناً ننام بدون إفطار”.
بينما أضافت زهراء، 35 سنة، أن الوجبة المناسبة تحتاج إلى لحم وأرز وخضار وغاز، الآن لا تستطيع أن توفر لأسرتها وجبة كاملة، عليها أن تختار بين الأرز واللحوم والطماطم والبطاطس.
وقالت: “أود شراء طبقين من الحلوى لأسرتي، لا أستطيع، ولا يمكنني شراء مكوناته لصناعته في المنزل. لا أستطيع شراء السكر والسمن والزبدة بعد الآن، أما الفستق والصنوبر، الضروريان في الوجبات اللذيذة والحلوى، حلم بعيد المنال”.
المصدر: الحرة