الرشوة هي أخطر أدوات الفساد، حيثُ ان غالبية كبيرة من موظفي الدولة ، تعوّدوا ان لا يُنجِزوا أية معاملة إلّا بعد تلقي مبلغ من المالِ من صاحب الحاجة, وان لم يدفع فإنهم, يُعرقلون إنجاز معاملته, وحتى يعجزوه ويجعلونه يدفع صاغرًا, لا أحد مِنهم يخشى عقوبة أومحاسبة، من مسؤوله الأعلى, لأن الجميع مشتركين في تلك الممارسة البشعة، حتى ان الموظف الشريف النظيف أصبح محاربًا ومنبوذًا ,بل يتعرض إلى السُخرية من قبل زملائه, ويُجبر أحيانًا على مُجاراته، نتيجة لضغطهم المستمر، حيث أنهُ بسلوكه الشريف، وتَرَفُعِه عن تجاوُز واجِبه الأخلاقي والمِهني, يشعر الآخرين بمدى خساستهم ورخصهم، دون ان يُفلِح بإيقاظ ضمائرهم.
إضافةً إلى إحالة المقاولات, والتي تصل إلى أضعاف قيمتها الحقيقية, والتي تُحال إلى عدة مقاولين,كل يتنازل عنها للآخر لقاء عمولة وكلها من المال العام والذي يؤتمن عليه الخونة وميتي الضمير، ولعل أبشع مافي هذه الصورة الكابوسية التراجيدية ان رأس العصابة والمجرم الأول والأكبر في تلك الوزارة, هو الوزير بشخصهِ ومركزه.الرشوة في لُبنان كانت تقارب الصفر في كُلِ العهود التي سبقت, لكنها بدأت وشاعت منذ عام 1992 إلى اليوم، يُشكل أكثر من 50 بالمِئة، وأصبح راتب الموظف بعد التضخم المالي الهائل بإرتفاع الدولار مقابل العملة الوطنية لا يكفي لشراء قوت ثلاثة أيام وليس ثلاثين يومًا، لذلك من المتوقع ان الرشاوى ستكون بالدولار الأميركي ( بدها تْوَفي معهم ) وذاهبة إلى تفاقم متزايد، من الصعب جدًا مكافحتها في الوقت الحالي !!لقد فَرض هذا السلوك نفسه بعد تغاضي السُلطة عن مُكافحة الفساد, ستُواجه تمردًا شاملًا من قبل كل موظفي الدولة، إن تصدتّ لهُ , فالجوع ديكتاتور,لا يُمكن لأية قوة مواجهته.يُعَدّ الموظف بحاجة إلى بيعِ نفسهِ وخيانة ضميره والإستمرار تلقي الرشوة وخيانة الأمانة والإعتداء على حقوق المواطنين, وتحقير الدولة وإسقاط هيبتها, لذلك فعلى الحكومة سن قوانين قاسية ضد الرشوة وتهديد المخالفين بأقسى العقوبات, وتشكيل لجان من شخصيات وطنية ملتزمة ومحترمة,ومحترفة,تتولى التحقيق في شكاوى المواطنين, وتُحيل المخالفين إلى المحاكمِ ألمُختصة, لِتُنزل أقصى العقوبات بحق الخونة من المرتشين, آنذاك نستطيع القول, ان لبنان بدأ مرحلة التعافي ونذهب بتبرير مقنع إلى المجتمع الدولي فصندوق النقد ليس خزنة تبرُعات !!
ليبانون ديبايت – شادي هيلانة