لا يحتاج الأمر لوقت طويل لإكتشاف ان مؤتمر النائب شامل روكز أزعج التيار الوطني الحر قيادة وقواعد، أولاً لأن الهجوم اتى من “اهل البيت” وتأثير الانتقاد يكون مؤذياً اذا اتى من المقربين. ولأن روكز بإطلالاته كرّس الطلاق النهائي مع العهد ورئيس التيار، والطرفان لا ينقصهما اليوم إلاّ مثل الدعوة إلى الثورة او “لطشة” المضمون الفارغ لمحاربة الفساد، التي اعتبرت موجهة حصرياً الى العهد ورئيس التيار.
يُعتَبر شامل روكز رمزاً من رموز حقبة النضال العوني، فيومها كان نجم روكز يلمع في العمليات العسكرية، ولم يكن في تلك المرحلة هناك أثر او تأثير قوي “للمناضل جبران باسيل”. وبالنسبة الى العونيين من الجيل القديم قرب مؤسس التيار، فإن روكز شكّل صورة مصغرة عن القائد العسكري ميشال عون، وكانت له حيثية خاصة في الاوساط العونية ولدى الضباط السابقين. من هنا فإن إطلالة روكز كما مواقفه كضابط “منشق” عن التيار، تترك أصداء، وهذا ما حصل عقب المؤتمر الأخير. اذ تعرض روكز للتهشيم ولكيل من الاتهامات العونية من قبل فريق ميرنا الشالوحي بالغدر والطعن، وتمت تصفيته سياسياً على وسائل تواصل العونيين، على غرار ما حصل مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الأسبوع الماضي.
حسابات سليمان فرنجية تختلف عن حسابات شامل روكز، فالأخير اختار التمايز عن تكتل لبنان القوي ويشق طريقه مع الثورة، وهو كان موجوداً إلى جانب الضباط السابقين في معركة سلسلة الرتب والرواتب وموازنة ٢٠١٩ والتدبير رقم ٣، وعتبه صار كبيراً على باسيل حيث اتهمه صراحة في الانتخابات بقرصنة اصواته لإخراجه ضعيفا في دائرته الانتخابية.
لهذا تستمر العلاقة متوترة ومقطوعة بين الصهرين منذ فترة سنتين، والنزاع واضح بينهما ولا مجال للتقارب لأن الشخصيتين لا تلتقيان في اي موضوع، كما ان التنافس واقع وحقيقي. فالجنرال شخصية محبوبة من جمهور واسع من العونيين، يتذكرونه بالبزة العسكرية المرقطة، فيما باسيل حاصد الألقاب ومتسلق رقم واحد للمواقع والمراكز النيابية والوزارية.
في مؤتمره الأخير، رسم نائب كسروان خريطة الطريق بعيداً عن التيار الى جانب الثورة، وهي ليست المرة الاولى التي يصوّب فيها نحو التيار في موضوع الطاقة، فهو يقف على ضفة خصوم التيار فيتغدى ويتعشى مع خصوم باسيل، وعندما تنتكس علاقة باسيل بأحد الأطراف تكون المسافة قريبة بينها وبين روكز. ومع ذلك ثمّة من يعتبر ان الهجوم على باسيل لا يشمل العهد بل موّجه في اتجاه محدد برغم كل الملاحظات التي لدى روكز، لكنه يحفظ الخط الأحمر مع الرئاسة الاولى والجالس على كرسي بعبدا.
المصدر: ليبانون فايلز – ابتسام شديد