تنتظر حكومة حسان دياب ثناء أو إشادة من أحد على آدائها، بل هي تعتبر كل عمل تقوم به ″إنجازا″،
فتحرص على الاعلان عنه والتهنئة به وتسويقه والتصفيق لنفسها عليه، قبل أن يكتشف اللبنانيون أن ″إنجازها″ ليس سوى ″سراب يحسبه الظمآن ماء″.
وما تخفق الحكومة في تحقيقه، تسارع الى نفض يدها منه ورمي المسؤوليات على غيرها،
سواء على السياسات الماضية في الوضع الاقتصادي، أو على مصرف لبنان وحاكمه في الموضوع المالي، أو على المواطنين في أزمة كورونا.
اللافت، أن الحكومة تلجأ الى الشكوى والنق والاستغراب من الأزمات التي تعصف بالبلاد،
ومن تجاوز الدولار الأميركي الأربعة آلاف ليرة، والغلاء الفاحش الذي تجاوز كل حدود، وإحتكار التجار للسلع الغذائية،
وإرتفاع أسعار المنتجات اللبنانية، والتهريب عبر المعابر غير الشرعية، والأمن المتفلت،
وتشدد على ضرورة مواجهة كل ذلك، ما يثير دهشة اللبنانيين الغارقين في مآسيهم من سلطة تسابقهم على الشكوى،
متناسية أن هي من يجب عليها أن تتخذ التدابير والاجراءات الصارمة لوضع حد لمهزلة الوضع الاقتصادي الذي من شأنه أن يفجر البلد من الداخل وعندها “ليت ساعة مندم”.
بالأمس تحدث حسان دياب على طاولة مجلس الوزراء عن إنجاز الحكومة في مواجهة المرحلة الأولى من كورونا، محمّلا المواطنين وتهاونهم بالوقاية وبالالتزام بالتعبئة العامة مسؤولية تفشي الوباء مجددا، بما يسمى بالمرحلة الثانية التي إستدعت الاقفال التام لأربعة أيام.
لا يختلف إثنان على أن آداء وزير الصحة حمد حسن كان جيدا جدا في التعاطي مع هذا الوباء،
لكن الأمور لم تصل الى حدود الانجاز الحكومي لكي يفسده اللبنانيون الذين ضاقوا ذرعا بسلطة تريد أن تفرض عليهم الحجر
وحظر التجول والتعطيل القسري عن العمل،
من دون أن تبادر الى تأمين أي من مقومات الصمود لهم، ولعل الـ 400 ألف ليرة التي أقرتها قبل نحو 40 يوما والبطء في توزيعها،
والتخبط في إعداد اللوائح من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، وعدم شمولها كل العائلات المحتاجة،
هو أكبر دليل على أن الحكومة تريد تقليد الدول المتحضرة في الاجراءات المشددة،
وتسير على خطى الدول المتخلفة في تجويع مواطنيها الذين خسروا أعمالهم ومصالحهم من دون أن يحصلوا على أي تعويض.
لا شك في أن كلام رئيس الحكومة يطرح سلسلة أسئلة،
لجهة: أين الانجاز الذي يتحدث عنه؟،
هل الانجاز في المستشفيات الحكومية في المحافظات التي ما تزال تفتقر الى التجهيزات وغرف العزل ما إضطر كثيرون الى عزل أنفسهم مع عائلاتهم ما أدى تفشي العدوى؟،
وهل الانجاز في التهاون مع المرضى العائدين من الخارج وعدم ملاحقتهم وإجبارهم على عزل أنفسهم فنقلوا الوباء الى محيطهم؟،
وهل الانجاز في التخبط بين وزراء الصحة والداخلية والتربية والشؤون الاجتماعية الذين يتناقضون في قراراتهم
فالأول يطلب التشدد الكامل، والثاني يطلق مراحل تخفيف التعبئة العامة التي أعادت الناس الى الشوارع بكثافة،
والثالث يريد إعادة التلاميذ الى مدارسهم، والرابع لا يملك الداتا الكاملة لمساعدة المواطنين الفقراء لتشجيعهم على البقاء في منازلهم؟..
يمكن القول،
إنه كان الأجدر برئيس الحكومة بدل أن يتحدث عن إنجاز المرحلة الأولى وتحميل المواطنين مسؤولية فشلها،
أن يبادر الى تطوير خطة متكاملة للتصدي لهذا الوباء من التجهيز الصحي في المحافظات الى التشدد بالاجراءات الى تعميم المساعدات،
وما دون ذلك، فإن حماية اللبنانيين من كورونا تبقى بفضل العناية الالهية