لقد بُحّ صوتنا ونحن نتحدّث عن ضرورة وعي خطورة المرحلة التي نمرّ بها نتيجة عودة فايروس الـ”الكورونا” إلى تسجيل إصابات جديدة، نتيجة عدم تقيّد عدد كبير من المواطنين بالإجراءات الوقائية،
التي تلاشت بمجرد أن خففّت الحكومة من صرامة التعبئة العامة،
مما يفرض مجددًا وجوب البقاء في المنازل خوفًا من عودة إنتشار هذا الفايروس القاتل،
خصوصًا أن إمكانات لبنان الطبية لا تزال محدودة،
سواء من حيث عدم توافر الأسرّة الكافية في المستشفيات في حال تخطّى عدد المصابين التوقعات،
ولا من حيث المستلزمات الطبية الضرورية، بعدما أصبح لبنان معزولًا عن العالم،
وبعدما إستسلمت معظم الدول لـ”كورونا”،
وأعلنت عجزها حياله، مع مواصلة البحث الجدي عن لقاح شافٍ،
ولكن من دون جدوى حتى هذه الساعة، وجلّ ما يُنشر ليس سوى مجرد تجارب لا تعدو كونها تكهنات أكثر منها حقائق علمية.
فإذا لم يكن لدينا الوعي الكافي تكون كل فترة الحجر التي قضيناها في المنازل عملًا بإجراءات التعبئة العامة قد ذهبت سدًا وهباًء،
وسنضطرّ مرّة جديدة إلى ملازمة المنازل ونعود من جديد إلى تعميم شعار “خليك بالبيت”،
خصوصًا أن الإتصالات التي أجراها لبنان بعدد من الدول الأوروبية الصديقة تبلّغ بنتيجتها إستحالة تأمين حتى ولو مستحضر طبي واحد لمعالجة مفاعيل هذا الفايروس،
وأن دول الاتحاد الاوروبي تعاني من نقص يفوق التصور وما لديها بالكاد يكفيها،
إذ أصبحت كل دولة تهتم بأزمتها. وقد يكون التجاوب المبدئي الذي أبداه صندوق النقد الدولي حيال تقديم مساعدة للبنان تتراوح بين 300 مليون و840 مليونًا الحل شبه الوحيد أمام المسؤولين لمكافحة هذا الفايروس،
مع التشديد على ضرورة وعي خطورة ما يمكن أن يستجد نتيجة تعاملنا مع الموجة الجديدة بشيء من الإستهتار وقلة المسؤولية،
تمامًا لكا جرى في ايطاليا وفرنسا واسبانيا،
بعدما خرجت الأمور عن السيطرة قبل أن تفرض الحكومات إجراءات صارمة بدأت بالتخلي عنها تدريجيًا بعدما تم حصر الإصابات ضمن المعقول والمقبول.
ومع ذلك لا يزال البعض مصرًّا على التصرّف غير آبه بصحته أولًا وبصحة عائلته ثانيًا، وبصحة مجتمعه ثالثًا،
فتراه يتصرّف وكأن لا خطر على حياته وحياة القريبين منه فيقيم الحفلات غير مبالٍ بما قد يصيبه.
فبأي لغة يجب التكلم مع هكذا صنف من البشر، وكيف السبيل لإقناعهم بأن ما يفعلونه، عن جهل،
هو اسوأ ما يمكن أن يقوم به إنسان في زمن الشدائد والويلات.
حيال هذا الواقع يجب على جميع اللبنانيين من دون إستثناء أن يفهموا أننا دخلنا منطقة الخطر الجدّي من جديد
ونحن نعاني نقصاً وشحاً في معظم المواد الطبية ولا سيما المتعلقة بـ”كورونا”،
وأن الأمر ليس مزحة، وأن التصرفات العشوائية والهمجية لم تعد مسموحة،
لأن من يقوم بأي عمل طائش لا يضرّ نفسه فقط بل يضرّ مجتمعًا بأكمله مهدّد في كل لحظة بأن يتحوّل إلى بلد موبوء،
كان من الممكن تفادي الوقوع في المحظور لو أن البعض منّا تصرّف منذ البداية بوعي وببعد نظر.
وماذا نقول حيال شعب مطلوب منه الوعي،
وهو قد أعاد تكرارًا إنتخاب الطبقة السياسية نفسها منذ العام 1960 حتى اليوم.
مصدر : لبنان24