عمليًا، دخلت حكومة حسان دياب بعد أقلّ من مئة يوم على ولادتها مدار تلمّس طريق تنفيذ خطتها المالية الانقاذية وفتح باب التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومباشرة الإلتزام بسلسلة إصلاحات كممرّ إلزامي لمليارات الدول المانحة.
بالتزامن تُفتح ملفات الفساد الواحد تلو الاخر من دون رؤية الرؤوس الكبيرة حتّى الآن في السجون.
لكن “الورشة” الأكثر إثارة للجدل تترجم من خلال سلسلة تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد أعدتّها وزارة العدل
وتمّ إقرارها تباعًا في مجلس الوزراء، وتطبيقها متاح من خلال القوانين القائمة،
بالتزامن مع الورشة التشريعية المفتوحة في مجلس النواب لتواكب القرارات الحكومية في مجال مكافحة الفساد واستعادة الموال المنهوبة.
وجديد الخطوات في هذا السياق، وفق معلومات “ليبانون ديبايت”،
قرار حكومي صارم بالإستفادة من قرار الدولة السويسرية بعد مصادقة البرلمان السويسري في كانون الأول الماضي
على تفعيل اتفاقيات التبادل التلقائي للبيانات المصرفية AEOI مع 18 بلدًا إضافيًا بحلول عام 2021،
بينها لبنان الذي سيكون باستطاعته الطلب من سويسرا الاستحصال على تفاصيل الحسابات المصرفية لكافة اللبنانيين
في مصارفها، وهذا أمرٌ إن حصل فعلاً قد يشكّل،
برأي مصادر وزارية، قنبلة على مستوى الكثير من المستور في “عالم الفساد”.
على صعيد مجلس الوزراء، وفي سياق التدابير التي أقرّت في مجلس الوزراء،
يمكن القول أن الحكومة تتحضّر لورشة غير مسبوقة في تاريخ حكومات ما بعد الطائف هدفها بكل بساطة…
فرض تطبيق القانون. وهي تحتاج الى “رِكَب” حقيقية،
لأن من شأن المضيّ فيها أن “يعرّي” حالات نافرة تلطّت على مدى عقود بالعفّة والبيزنس “الحلال”،
وتفتح أبواب السجون لفاسدين استفادوا من نظام رعى فسادهم برموش العيون!!
وهذا الأمر كان محطّ نقاش في جلسة الثلاثاء الماضي إذ أنّ وزراء “حركة أمل” و”حزب الله” و”تيار المرده”
وجّهوا لطشة صريحة لوزيرة العدل مفادها أن التدابير التي طرحتها تجعلها “ملكية أكثر من الملك”.
فالمطلوب فقط تطبيق القانون في سياق التدابير المعروضة أمام الوزراء،
وليس إصدار قرارات حكومية بتطبيق القانون”!
وهنا،
حصلت نقزة عبّر عنها هؤلاء الوزراء لعدم أخذ وزيرة العدل بجواب هيئة التشريع والاستشارات (رأي غير إلزامي)
في شأن قانونية التدبيرين رقم 5 و6 المتعلّقين بالإثراء غير المشروع،
معتبرين أن هذا الأمر من صلاحية المجلس الدستوري،
لكن نجم أصرّت على اعتماد الصيغ المطروحة كما هي بدعم من رئيس الحكومة والتي من شأنها أن تسرّع في آلية تطبيق القانون.
وقد حصل موقع “ليبانون ديبايت” على القرار رقم 9 تاريخ 5-5-5-2020 المتعلّق بالتدابير الستّة المتعلّقة بمكافحة الفساد (التدبير رقم 7 المتعلّق بصندوق الشكاوى في الادارات والمؤسسات لم يبتّ بعد)
وهي:التدبير رقم 1: تفعيل التدقيق الضريبي وجمع المعلومات.
حيث سيطلب من وزير المال تكليف الجهات المختصة بإجراء تدقيق ضريبي يطال جميع الأشخاص المعنويين
والطبيعيين الذين أجروا مع الدولة عقودًا والتزامات،
أو قدّموا خدمات دون سند استتبعت بمصالحات وفقًا لستة أسس من ضمنها التدقيق بصورة فورية
بدءًا من أعلى العقود والالتزامات قيمة وتتدرّج نزولًا الى جميع العقود التي تضمّنت إنفاقًا من المال العام
بما يزيد قيمته عن 20 مليار ل.ل. على أن تقوم جميع الادارات خلال مهلة أقصاها شهر من تاريخ 5-5 2020
بإيداع وزارة المال تفاصيل العقود والتلزيمات.
إضافة الى الطلب من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المتعاقدين مع الإدارة إبراز كشف للحساب المصرفي
الذي أودع فيه او انتقل اليه أي مبلغ تمّ قبضه من المال العام،
ومن ثم تجري مطابقة القيود المحاسبية على القيود المصرفية العائدة للحساب نفسه.
وفي مجال تبادل المعلومات الضريبية، يطلب من وزير المال تكليف الجهات المختصة إتخاذ الاجراءات اللازمة
لتبادل المعلومات الضريبية استنادًا الى اتفاقية “التعاون التقني في المجال الضريبي” MAC،
واتفاقية السلطات المختصة MCAA، توصلًا للحصول التلقائي وغبّ الطلب على المعلومات الضريبية
عن جميع الحسابات المصرفية المفتوحة في الخارج لمصلحة الأشخاص الطبيعيين
والمعنويين المتّخذين محل إقامة ضريبية في لبنان. وهذا ما سيتيح تحصيل الأموال التي قد تترتّب عن التهرّب الضريبي.
وتفيد المعلومات، بأن لبنان وقّع عام 2016 إتفاقية MAC، لكن الحكومة آنذاك لم تستورد الـ “سيرفر” المطلوب والذي سيمكّن وزارة المال من تبادل المعلومات الضريبية وقيمته نحو 300 ألف دولار،
مع العلم أن حكومة دياب تعتزم طلبه فوراً.التدبير رقم 2 التدقيق المحاسبي:حيث يقوم رئيس الحكومة بناءً على اقتراح من وزير المال بتكليف أحد أهمّ المكاتب الدولية المتخصّصة في التحقيق المحاسبي forensic audit للتدقيق في جميع العقود (مناقصة، التزام، اتفاق بالتراضي…) التي أجريت بين الإدارة والأشخاص الطبيعيين والمعنويين وفي قيود وموازنات هؤلاء الأشخاص،
ويبدأ التحقيق من أعلى العقود قيمة ويتدرّج نزولًا الى جميع العقود التي تضمّنت انفاقًا من المال بما يزيد عن مليار و500 مليون ل.ل.التدبير رقم 3: الطلب الى جميع الإدارات ولا سيما إدارة المناقصات عند إجراء اي عقد أو تلزيم أو نفقة تطبيق المادة 5 من قانون السرية المصرفية التي تجيز للمتعاقدين الاتفاق مسبقًا على رفع السرية المصرفية.
التدبير رقم 4: الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبةويأخذ هذا التدبير شكل تمني مجلس الوزراء على ديوان المحاسبة في مجال الرقابة المؤخرة على حسابات الأشخاص المعنويين والطبيعيين،
على إعطاء الاولوية لإنجاز الرقابة والتلزيمات التي تضمّنت إنفاقًا من المال العام. واعتماد مقاربة مشدّدة تقوم على تكليف هؤلاء الأشخاص بإبراز كشف للحساب المصرفي الذي أودع فيه أي مبلغ تمّ قبضه من المال العام ومطابقته مع القيود المصرفية للحساب المعني.
يُذكر أن التدبيرين رقم 5 و 6 أثارا جدلًا واسعًا ويتعلقان بتفعيل المادة 4 من قانون الاثراء غير المشروع تاريخ 1999 (التحقق لدى المجلس الدستوري من تقديم التصاريح) وجمع المعلومات تفعيلاً للمادة 12 من القانون نفسه.
حيث يؤلّف مجلس الوزراء لجنة متخصصة تتولى مهمة إجراء مسح شامل لثروات جميع الاشخاص الذين شغلوا أو يشغلون مناصب دستورية أو قضائية أو إدارية أو عسكرية…مع أزواجهم وأولادهم القاصرين وإعداد تقارير حول مظاهر ثرواتهم.
ويشمل هذا التدبير الأملاك العقارية، الأسهم في الشركات التجارية، أملاك منقولة وغير منقولة، وأي مظهر من مظاهر الثراء التي لا تتوافق مع المداخيل الشرعية للأشخاص المعنيين…