كتبت صحيفة “الراي” تحت عنوان ” لبنان.. خطة التعافي تخاطب صندوق النقد قبل “أهل” الداخل”: “قبل أن يجفّ حبرُ توقيع رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب على طلب مساعدة صندوق النقد الدولي لخطة التعافي المالي والاقتصادي، بما يشمل برنامج الدعم المالي بنحو 10 مليارات دولار موزّعة على 5 سنوات، علت سريعاً موجةُ الاعتراض العام على “وضع العربة أمام الحصان”، وسط تَوَجُّسٍ من التفرد بقرارٍ بهذه الأهمية وكيفية تَبَدُّل “الأهواء” سريعا لتحتّم الاستعجال بإقرار الخطة وإلحاقها بإرسال الطلب الرسمي، ومن ثم دعوة مكونات المجتمع السياسي والاقتصادي الى “التشاور”.
وريثما تنجلي تماماً المواقف السياسية، وخصوصاً من الشريك الاستراتيجي المعني بإقرار الجانب التشريعي والمفصلي للخطة الممثَّل بمجلس النواب، بدا البنك المركزي وجمعية المصارف وهما الطرفان الأساسيان المعنيان “نصاً” بالإنقاذ المالي على غير تماسٍ “مقصود” مع بلورة الصيغة النهائية لخطة الحكومة والتي وضعت لهما “وصفاتِ” إعادة الهيكلة لمؤسساتهم تحت وطأة تحمّل الثقل الأكبر من “الفجوة” المالية الكامنة أصلاً في دين الدولة البالغ نحو 93 مليار دولار، ومن دون المساس بموجودات الدولة عينها “ضناً” بحفظها للأجيال المقبلة.
ولذا، تتابع الاوساط المالية والاقتصادية والسياسية باهتمامٍ استثنائي موقف السلطة النقدية المتمثلة بمصرف لبنان. فحاكمه رياض سلامة لم يزل في حلبة صراع “إرادات” صريح مع السلطة التنفيذية التي كالت له اتهاماتٍ جمة تحت يافطة «”الغموض المريب” في الأداء، وردّ عليها بوضْعِ نقاط الموافقات الرسمية وقانون النقد والتسليف على حروف قرارته. وهذا التباعد الذي كاد يصل حدود الإقالة او الدفع للاستقالة لا يستوي مع “استدعاءٍ” لحمل مسؤولية إعادة النظر جذرياً بسياسة الاستقرار النقدي والتحوّل الى سعر التحرك المرن لليرة.
فقد رمت الحكومة على البنك المركزي وهي تدرك أن سلامة يعمل وحيداً، بعدما عجزت عن ملء الشغور المتسع في السلطة النقدية (نواب الحاكم، مفوض الحكومة، رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية)، وزر “تعويم” سعر صرف الليرة، متخطية حقيقة تضمين خطتها سعراً مرجعياً محدداً عند 3500 ليرة ومتحركاً إلى 4300 ليرة تَرافُقاً مع مسار تنفيذ الخطة، ومتجاوزة واقع السعر السوقي الفعلي الذي يتحرّك بآليات العرض والطلب والمضاربات، بعدما فقد اللاعب الأقوى (البنك المركزي) سلاحَ التدخل الحاسم لحفْظ استقرار التداولات ضمن الهوامش التي يحدّدها بقوة احتياطه من العملات الصعبة، والذي بات استخدام الممكن منه محصوراً بالضرورات مع أولوية تغطية مستوردات القمح والمحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب بعض المواد الأولية للصناعة المحلية.
أما الطرف الثاني المتمثّل بجمعية المصارف، فلم تكتفِ في ردّها على خطة التعافي الحكومية، رفضاً وملاحظات وحضاً على التعديل والتصويب وعدم المساس بالمدخرات وحماية الملكية الفكرية، انما بلغت حدود مناشدة ممثّلي الأمة (مجلس النواب، ليس فقط ردّ الخطة، بل ومحاسبة مَن تجرّأ على صوغها لتعدّيه على الأسس القانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة اللبنانية.
وسنداً الى واجبات ائتمانية تجاه ما يقارب 3 ملايين مودع، فإن الجمعية قالت بوضوح “لا يمكن أن توافق بأيّ حال من الأحوال على هذه الخطة الانفرادية التي لم نُستشر فيها”، مؤكدة “أن عملية إعادة الهيكلة المحلّية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً”.
وفهِم المصرفيون “أن عرض جذور الأزمة يُظْهِر انحيازاً على حساب المصارف، ووجود نهج عقابي بحقّ القطاع المصرفي يعني في الواقع نهجاً عقابياً بحقّ المودعين”. وفي تحديدهم لخريطة الطريق “أن الوضع الراهن في لبنان يستدعي بشكل عاجل إقامة حوار بنّاء. ومن الملحّ الآن اتّخاذ إجراءات ملموسة والتوصّل إلى توافق في الآراء بين جميع المعنيّين. وتعتزم الجمعية أن تقدّم قريباً خطة كفيلة بالمساهمة في التخفيف من الركود وتمهيد الطريق لنمو مستدام”.
المصدر: الراي