لا يبدو أنه من اليسير على الحكم والحكومة إقالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة حتى لو تسنى إبعاده عن دائرة التأثير، فالإقالة استبعدت بعد فشل تمريرها في مجلس الوزراء نتيجة تهديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بسحب وزيريه من الحكومة وتضامن وزيري «حزب الله» معهما، كما كشفت مصادر موثوقة لـ «الأنباء»، الأمر الذي اسقط في يد اصحاب فكرة الإقالة ودفعتهم الى التحول نحو استحضار شركات المحاسبة والتدقيق العالمية التي اختارها المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني من دون علم وزير المال غازي وزني كما يبدو.
وأوضح أن رفض الثنائي الشيعي تمرير إقالة «الحاكم» من دون مراعاة لخاطر الرئيسين ميشال عون وحسان دياب على الأقل، ليس مرده احترام المادة 19 من قانون النقد والتسليف التي تحمي حكام المصرف المركزي من الإقالة القسرية إنما لاعتبارات اخرى، فحاكمية المصرف المركزي هي واحدة من 4 مناصب اساسية مخصصة للطائفة المارونية، بعد رئاسة الجمهورية ورئاسة الجيش ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، وكل متبوئ للثلاثة من هذه المناصب يرنو تلقائيا للموقع الأول الذي هو رئاسة الجمهورية.
وفي الحالة الراهنة فإن إقالة سلامة او استبعاده عن دائرة التأثير يمكن ان يزين لصاحب الطموحات الرئاسية، ممارسة نفس اللعبة مع الموقع التالي في السباق الى الرئاسة أي قائد الجيش العماد جوزف عون، كذا الحال مع رئيس مجلس القضاء القاضي سهيل عبود بمعزل عما اذا كان امر الرئاسة يعنيهما ام لا.
وثمة معطى آخر يتحرك لمصلحة سلامة الذي قرر ان يرد كتابيا على اتهامات رئيس الحكومة حسان دياب في بحر هذا الأسبوع، ومؤداه انه اذا كان حاكم المركزي اخل بتنفيذ سياسة الدولة فبإمكانها محاكمته، اما اذا تبين انه كان ينفذ قرارات السلطة السياسية، اي الدولة، فالمحاكمة هنا يجب ان تكون جماعية، وحتى الآن مازال سلامة يتصرف وكأن في فمه ماء، وفي هذا تحذير ضمني لأن إجباره على الكلام سيضطره الى قول الكثير.
وفي السياق، تتالت الردود على المواقف السياسية الأخيرة لرئيس الحكومة دياب. أبرز هذه الردود ما صدر عن وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق خلال مشاركته في حفل خيري لجمع التبرعات في دار الفتوى، أمس الأول، حيث قال: عندما منشد «حزب الله» (علي بركات) يصنع أغنية للدكتور حسان دياب، على الأخير ان يتأكد أن المؤامرة ليست ضده بل ضد النظام والديموقراطية والحرية، هذه المؤامرة تستهدف السنية السياسية، وأي كلام آخر لا مبرر له.
وعليه ان يخرج من هذه اللعبة لأنه ليس قدها ولا معرفة له بها، وإن شاء الله لا يكون جزءا منها و«نحن قدها وقدود».
أما الرئيس فؤاد السنيورة فقد رأى أن رئيس الحكومة يضع العربة أمام الحصان.
وذكرت مصادر اجتماع دار الفتوى الخيري لـ «الأنباء» ان الدعوة وجهت لرئيس الحكومة للحضور إلا انه امتنع، وبررت مصادره مقاطعته لهذا الاجتماع الهام على مستوى الطائفة بأن الرسالة الرمضانية للمفتي دريان كانت موجهة ضده، واعتبر المشاركون في الاجتماع الغياب عن هذه المناسبة خطأ في السياسة.
في هذا الوقت يعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غد في السراي الكبير وستكون الخطة الاقتصادية والتحقيقات في التحويلات المالية الى الخارج على الطاولة.
المصدر: الأنباء الكويتية