في مرحلة حساسة من انشغال العالم الخارجي بكورونا والأزمات الاقتصادية، وفي مرحلة هي الأصعب في تاريخ لبنان، خرج مشروع تشريع زراعة الحشيشة الى النور وصار مقونناً. الزراعة المحظورة لبنانيا عبر المراحل والعهود، تحولت من “بؤرة” ومخدّر الى علاج صحي وللأغراض الطبية. لم تعد الحشيشة من “المحرمات”، ولن يتكرر مشهد تلف الحشيشة في البقاع واحتجاجات المزارعين التي كانت تحصل في السنوات الماضية، العودة الى زراعة القِنّب الهندي صارت مُشرّعة بقانون وسيكون للقِنّب دولة تحميه.
الاقتراح الذي سلك طريقه في جلسة الكمامات ليصبح قانوناً، لاقى تأييد نواب القوات اللبنانية والتنمية والتحرير واللقاء الديموقراطي، مقابل اعتراض شكلي وصوري من شخصيات في تيار المستقبل ونواب كتلة الوفاء للمقاومة والطاشناق. وتركزت ملاحظات “المستقبل” على الضوابط والتراخيص الزراعية، فيما ذهب نواب تكتل لبنان القوي لطلب تعديلات تمنع التحايل على القانون، وتمحورت معارضة حزب الله حول عدم الجدوى الاقتصادية والمردود غير الواضح.
في الهواجس التي تطرحها زراعة الحشيشة، تشير مصادر نيابية الى ان الخوف يكمن في خروج الأمور عن السيطرة، وعودة مشهد التجار والطفار والخارجين عن القانون، وان لا تُحتَرم الآليات القانونية، وان يأكل التاجر الكبير حصة المزارع، وتنشط مجدداً مافيات المخدرات والحشيشة. السؤال الأهم، هل فعلا هناك حاجة دولية لشراء القنب اللبناني، وهل سيُباع الحشيش لمصالح خاصة، ام سيذهب للفقراء والعاطلين عن العمل والى الشباب في المدارس؟
المدافعون عن القانون يضعون امامهم تجربة إدارة التبغ والتنباك او الريجي التي طبقت القواعد المحكمة وعادت بأرباح للدولة اللبنانية، ويقول المدافعون عن فكرة العودة إلى زراعة الحشيشة: ان القطاع سيكون مُداراً بهيئة ناظمة ومجلس ادارة، وسيدر ملاييين الدولارات، ويساهم بخلق فرص عمل، ويمكن ان تزدهر سوق الدواء اللبناني. ويقول المدافعون عن الفكرة ايضاً: ان العودة الى القنب من الخطوات الانقاذية في مرحلة الإفلاس وانهيار الدولة. فدراسة شركة “ماكينزي” تقدر عائدات القطاع بخمسة ملايين دولار في المرحلة الأولى، الممتدة لخمس سنوات.
عشر سنوات من النقاش بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، الى ان اصبح الأمر واقعا بعد اقراره في شهر شباط في اللجان النيابية، بعد ان خضع لتشريح الاختصاصيين وخبراء الصحة وعالم النبات. القانون الجديد الذي يصعب تحديد اي وجهة سيسلك في التنفيذ، هل سيكون فعلا منقذاً لفئة من اللبنانيين دخلت مرحلة البحث عن لقمة العيش، وللعديد من الصناعيين واصحاب الاختصاص الذين سيعملون في القطاع بديلا عن وظائف ضاعت، ام سيدخل في الحسابات الكبيرة السابقة للمافيات وتجار المخدرات؟
وفق مصادر قانونية مطلعة، في الشكل من المؤكد ان المزارعين السابقين او تجار المخدرات المحكومين بجنحة او جناية لن يستفيدوا من القانون الجديد، لأن سجلاتهم ممهورة بحكم عدلي، وان المستفيدين الجدد سيخضعون للشروط المحددة في القانون ووفق ما تقرره الهيئة الناظمة او مجلس الادارة.
يقول احد السياسيين من الذين تعبوا وهم يطالبون بقانون يسمح بالعودة الى زراعة القنب اللبناني، ان الموضوع كان بداية “نكتة” ولا أحد صدق ما سيؤول اليه الموضوع لكن القانون تحقق والعبرة في التنفيذ.
القنب اللبناني لم يعد “مزحة” ومنطقة بعلبك الهرمل ستتحول من خارجة عن القانون الى صاحبة دور في إخراج لبنان من نفق الانهيار.
المصدر: ليبانون فايلز