الكلمة والنص الأدبي بين الولادة والموت
كما تتحول الشجرة من أغصان وأوراق وأزهار, إلى مصدر معطاء للثمر, والثمر هو الحاجة الأساسية التي يقصدها الإنسان في الشجرة. كذلك الكلمة, إن ظلت مجرّدة ينطق بها اللسان, أو يخطها القلم فقط, دخلت حالة ” الموت ” بمجرّد وقوفها عند هذا الحد. أما إن حظيت بمن يسمعها أو يقرؤوها, حينئذٍ تكون قد بدأت مرحلة جديدة من ” الحياة “.
والنص الأدبي أيضاً, إن بقي سجين أوراق كاتبه, فهذا يعني “موته”. أما إذا أخذ طريقه إلى الإنتشار بين الناس, فهنا تكون مرحلة ” الولادة ” الحقيقية التي تتبعها مرحلة الإنتقال إلى ما بعد القراءة, وإلى ما بعد السماع, وأي أثر ترك هذا النص في كلّ مَن تلقّاه, وإلى أي حد تحوّل وقعُهُ إلى فعل يُمارس على الأرض. فللنص الأدبي دور وغاية, كونه مشحون بذاتية الكاتب, وكونه سعى إلى الخروج من نطاقه الضيق, إلى آفاق من الذاتية الفاعلة, وتجاوز مرحلة الوجود بالقوة, إلى مرحلة الوجود بالفعل.
وهكذا, فلا بد للكلمة الجيدة وللنص الأدبي الجيد, من أن يؤتي كلٌّ منهما ثماره في النفوس الخصبة, فلا يُمارس فعل الكلام قولاً أو عبثاً, ولا يموت النص الأدبي أو الكلمة, وهما في طور ” الحضانة “.
نبيل عرابي: international scopes