قبل ستة أعوام لم يكن أحد يتوقع أن يقرر وزير التربية آنذاك الياس بوصعب منح افادات لجميع المرشحين للامتحانات الرسمية في البريفيه والثانوية بفروعها الأربعة. تقررت الإفادات عندما رفض المعلمون تصحيح المسابقات بعدما أجريت الامتحانات بحضورهم، فنجح أكثر من مئة ألف مرشح من بينهم أصحاب طلبات حرة. قيل يومها انه كان يمكن إيجاد تسوية مع الأساتذة، لكن خيار الافادات كان قد حسم الموضوع. اليوم وبعد التعطيل القسري للمدارس والجامعات والمعاهد لمنع تفشي الفيروس، والمستمر منذ أكثر من شهر وأسبوع، بدأت تُطرح تساؤلات عما اذا كانت السنة الدراسية انتهت فعلاً بالنسبة الى القيّمين على التربية، وإن كان التعليم من بُعد يسير في مدارس ويتعثر لدى أخرى، حتى في التعليم الخاص، فكيف بالتعليم الرسمي الذي لم يستطع حتى الآن إيصال حصص المنهاج التعليمي الى كل التلامذة، وهذه التساؤلات لها أسبابها طالما أن وزير التربية لم يقدم أجوبة مقنعة عن مصير الدراسة وما إذا كان سيمنح إفادات، أو أن الامتحانات ستكون بما تم إيصاله في الحصص التعليمية حتى منتصف شباط، علماً أن الدراسة أيضاً تعطلت أياماً كثيرة خلال الانتفاضة التي عمّت لبنان بعد 17 تشرين الأول 2019.
يتبين أن وزير التربية طارق المجذوب لم يحسم أمره نهائياً بعد في المسار الذي ستتخذه السنة الدراسية، وان كان تشاور مثلاً مع بوصعب حول الموضوع، لكنه لن يتأخر في قول كلام نهائي عما اذا كانت السنة قد انتهت فعلاً وينبغي انتظار سنة جديدة بعد احتواء الفيروس، أم أن الإفادات ستشق طريقها بقوة مجدداً في البنية التربوية اللبنانية. الواقع أن هناك مؤشرات بدأت تظهر تشير الى أن الخيار بات أقرب الى الواقع، منها أن التربية أوقفت الطلبات الحرة للشهادة الرسمية، ووزيرها يفكر في ما إذا كان سيسير على خطى فرنسا التي ألغت البكالوريا الفرنسية لهذه السنة وأبقت الامتحان الشفهي للبكالوريا القسم الأول وفق ما ينص عليه نظامها. فإذا تبين أن الامتحانات ولو تم تأجيلها إلى أيلول مثلاً لن تعطي نتائج في ظل محنة الوباء، فيما العالم كله في معركته القاسية عطل المدارس، فسيكون الخيار التوجه الى منح الافادات في آخر نيسان أو في منتصف أيار المقبل، ولإعطاء المجال لدروس التعليم من بعد التي بدت غير عادلة للجميع، وان كان هذا التعليم يسير في الجامعات بقواعد مختلفة.
الدلائل كثيرة حول الافادات، وان كان من المبكر حسمها، الا ان وزير التربية مطالب بأن يوضح الطريقة التي سيجري فيها إلغاء الامتحانات، والاستناد إلى نتائج مختلفة بعد تعويض يسمح بتقويم مقبول للتعليم. وهنا لا مكان للحديث عن انجازات بل وقائع من بينها أن يكون الوزير أكثر المدافعين عن التعليم الرسمي وقول الكلام الفصل فيه عندما يتعرض للإساءة. وأزمة هذا التعليم هو تخلي الدولة عنه وتحويله الى مكان للتوظيف السياسي والطائفي…
ماذا قررت الأنظمة التعليميّة المختلفة في العالم بشأن الامتحانات:
1- البكالوريا الفرنسيَّة: سوف تُقرّ كلّ اختبارات الصفوف الثانويّة (امتحانات البكالوريا) من خلال علامات التقويم المستمرّ التي حصل عليها التلامذة خلال الفصلين الماضيَين وما تبقى من الفصل الثالث في حال فُتحت المدارس. كما ستَمنح بكالوريا سنة 2020 جميع الحقوق التي يحصل عليها طلاب شهادة البكالوريا المعتادة. وسوف تُحتسب السنة بكاملها باستثناء العلامات التي حصل عليها التلميذ بواسطة التعليم من بُعد خلال الحجر. ويؤخذ في الاعتبار نشاط التلميذ الأكاديمي وفقاً للجنة التحكيم التي ستنظر في الملفات. وسوف تؤخذ في الاعتبار ايضا معايير عدة: تقويم الأساتذة، التحفيز والمشاركة في الصف في آخر السنة الدراسيَّة. أمّا في ما يتعلَّق بالامتحانات الشفهيّة فستُجرى ولكن معدَّلة، فقط للغة الفرنسية للصف الحادي عشر، إذا ما سمحت الحالة، لأنّ هذا الفحص يمكن أن يتمّ عبر الإنترنت أو يكون التلميذ وحده في حضور أستاذ.
2- البكالوريا الدوليَّة: لن تُجرى الامتحانات لهذه السنة، وسيُمنح التلامذة شهادة ديبلوم أو شهادة إتمام السنة الدراسية تعكس مستوى عملهم بالارتكاز على أدائهم الدوريّ وتبعاً لخبرة التقويم المتّبع، والدقّة ومراقبة الجودة المتضمّنة مسبقاً في البرامج.
3- توصيات المملكة المتّحدة:
سوف تتّصل لجان الامتحانات بالمدارس والكليّات ومراكز الامتحانات الأخرى بعد عيد الفصح لتطلب منها تقديم ما يأتي في مهلة لا تتعدّى 29 أيار المقبل: درجة تقويم متوسّطة لكلّ تلميذ في كلّ من المواد، أي الدرجة التي كان من المرجّح أن يُحرزها التلامذة بناء على علاماتهم السابقة. وسوف تُوازن القرارات بين مصادر بيِّنات مختلفة مثل الواجبات في الصف، الدرس، أيّة مشاركة في أعمال تطبيقيّة مثل الموسيقى والدراما والرياضة، أيّ تقويم غير مُستنِد الى الامتحانات – منجز أم غير منجز، نتائج أيّة فروض مدرسيّة أو امتحانات تحضيريّة، نتائج امتحانات سابقة، أيّة سجلات أخرى متعلّقة بأداء تلميذ ما خلال الدراسة.
4- امتحانات الشهادة الألمانيّة ABITUR: ابتداءً من 4 نيسان 2020، أجّلت الولايات الست عشرة في ألمانيا الامتحانات النهائيّة ولم تلغها.
5- تمّ تطوير الامتحان النهائيّ الثانوي قبل دخول الجامعة في الولايات المتحدة الأميركية ليتمكَّن الطلاب من إجراء الامتحانات من البيت. وستُجرى هذه الامتحانات بين أيار وحزيران وتكون مدّة الامتحان 45 دقيقة من الإجابات المفتوحة مع السماح باستخدام الكتب. وقد ألغيت اختبارات السات لشهر أيار. وإن لم تتمكّن المدارس من فتح أبوابها في فصل الخريف، يتمّ البحث عن طرق ابتكاريّة للتأكّد من أنَّ جميع الطلاب سيتمكّنون من إجراء اختبارات السات.
ماذا عن لبنان؟
في لبنان همس كثير في الموضوع من دون مقاربة جريئة له في ظل المزايدات السياسية المستمرة تصاعدا، ويقترح عدد من التربويين الغاء شهادة البريفيه لهذه السنة على ان يتم البحث لاحقا في ضرورة استمرار هذه الشهادة، وان تعطى “شهادة نجاح” لطلاّب الشهادة الثانوية العامة بكل فروعها لعام 2020 وفق شروط محددة:
أولاً: احتساب مجموع المعدل السنويّ للتلميذ/ة للسنوات الثلاث التي تسبق الصف الثاني عشر أي صفوف التاسع (معدل الشهادة الرسميّة فقط)، العاشر والحادي عشر (المعدل السنوي لكل سنة والموثق في سجلات وزارة التربية والتعليم العالي.
ثانياً: استكمال ما تبقى من العام الدراسيّ الحالي بعد انتهاء الحجر الصحيّ وذلك بالتدريس الفعليّ داخل حرم المدرسة لمدة خمسين يومًا وإجراء امتحانات في نهاية هذه المدة.
ثالثاً: احتساب معدل النجاح السنويّ لهذا العام الدراسي فقط من خلال جمع معدل علامات التلامذة خلال أيام التدريس داخل حرم المدرسة قبل الحجر الصحي وبعده.
رابعاً: طريقة احتساب معدل النجاح للشهادة الثانوية العامة: مجموع المعدل السنويّ للتلميذ/ة للسنوات الثلاث السابقة (50%) يضاف إليه معدل النجاح السنويّ لهذا العام الدراسي (50%).
خامساً: لا يمكن أي تلميذ/ة الحصول على شهادة النجاح هذه ما لم يلتزم/تلتزم بعد انتهاء الحجر الصحي العودة إلى المدرسة وإنهاء العام الدراسي.
سادساً: يسري العمل بهذا الإجراء إذا تمكّن التلامذة من العودة إلى حرم المدرسة إما في بداية شهر أيار أو كحد أقصى في بداية شهر حزيران.
سابعاً: يبدأ العمل على تكوين ملف لكل تلميذ/ة فورًا بعد اخذ القرار بالإستعاضة عن الإمتحانات الرسمية بهذا الإجراء.
ثامنًا: تؤلّف لجنة مشتركة من القطاع العام والخاص للإشراف على سير هذه العملية واتمامها وفق الأصول والإجراءات المتفق عليها.
مصدر: النهار
الامتحانات الرسمية على الابواب… ولا قرار حاسماً بعد بإلغائها او تأجيلها!
مقالات ذات صلة