الكلام سياسي، ولكن الحلول عسكرية! فكل المؤشرات تدلّ على أنه يصعب تجنّب مواجهات كبرى، شاملة أو محدودة، بين إسرائيل وحزب الله، وبالتالي بين إسرائيل ولبنان، لأن إسرائيل تكرر دائماً أنها ستستهدف لبنان بأكمله! علماً أن حزب الله يلتزم بقواعد الاشتباك «الموسعة»، على الأقل من جهة واحدة، وتحت معادلة «يصعّدون – نصعّد»!
ثلاثة أسباب تفتح الباب أمام حرب محتملة تتخطّى قواعد الاشتباك. وهي:
1- استمرار الحرب على غزة!
السبب الأول لاستمرار الحرب واحتمال انزلاق الأمور الى حرب أشمل، هو استمرار إسرائيل في حربها على غزة. ولكن كيف يمكن أن تقف الحرب على غزة؟
تبدو السيناريوهات كلها «سوداء»! فالسيناريو الأصعب هو اقتحام رفح. وصعوبة هذا السيناريو هو في فاتورة ثقيلة جداً إضافية من الدم والضحايا من أهالي غزة لا تستطيع الولايات المتحدة تحمّلها، ولا يستطيع الرأي العام الدولي تحمّلها أيضاً!
وذلك، بمعزل عن خسائر الجيش الإسرائيلي، وبمعزل عن ملف الأسرى، الذي لا يبدو من أولويات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
السيناريو الآخر، أو هذا ما يعتقده نتنياهو، هو أنه باغتيال قائد حماس يحيى السنوار، سيكون قد حقق أحد أهداف حرب إسرائيل على غزة بعد 7 أكتوبر، بقتل كل قادة حماس الأساسيين في طوفان الأقصى، خاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية وصالح العاروري ومحمد الضيف (إذا ما تأكّد!).
2- الاستمرار بمسلسل الاغتيالات!
حتى ولو انتهت الحرب على غزة، فإن مخاطر الحرب وانزلاقاتها، بردود يُراد منها أن تكون محدودة، واردة في كل لحظة!
إذ لن يوقف الموساد الإسرائيلي عمليات الاغتيالات التي ينفذها، والتي تطال قادة حماس وقادة حزب الله وأصدقائهم، في لبنان وغزة وإيران، وقادة الحرس الثوري… في سوريا. في حين ستستمر العمليات الإسرائيلية المتقطعة في العراق واليمن.
3- عودة المهجّرين الإسرائيليين «قسراً» الى قرى ومستوطنات شمال إسرائيل!
قد تكون هذه النقطة هي مفتاح الحل الأساسي في المنطقة أو المفتاح الأكيد للحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله. من دون أن يعني ذلك حرباً إقليمية تشارك بها إيران، خاصة بعد أن برّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أنه لا حاجة لمشاركة مباشرة من إيران بالحرب!
السؤال الأساسي بالنسبة للمستوطنين «المهجرين» الى الداخل الإسرائيلي هو كيف يمكن أن يعودوا الى «منازلهم» والى «قراهم»؟ وكيف تكون عودتهم آمنة؟ وكيف يمكن منع حزب الله من استهدافهم بالصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى؟ وكيف يمكن تعطيل أي خطر من قبل حزب الله لتنفيذ 7 أكتوبر جديد، يوماً ما؟
80 الى 100 ألف مستوطن، من حوالى 43 قرية ومستوطنة، أبرزها وأكبرها كريات شمونة، يلتقون دائماً بوزراء الحكومة الإسرائيلية. وهم سألوا هذه الأسئلة، التي لديها جواب واحد بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، ولوزير دفاعها وحربها يوآف غالانت، وهي إجبار حزب الله على التراجع والانسحاب الى شمال الليطاني، تنفيذاً للقرار الأممي 1701. وهذا «الإجبار» يمكن أن يتحوّل الى جبهة مفتوحة أو الى حرب شاملة!
ولن يتجاوب حزب الله بالتأكيد مع الجهود الديبلوماسية بالانسحاب الى شمال الليطاني! وهو سيستمر باتهام إسرائيل بعدم تنفيذها من جانبها للقرار 1701. كما إنه لن يخضع للتهديدات الإسرائيلية. لا بل يجيب على التهديدات بتهديدات مضادة! ولذلك، فإن محاولة تجنّب الحرب قد تفشل لأسباب عديدة!
ويبقى احتمال ولو ضئيل، وهو أن تعرض إسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا! عندها يصبح الوضع مختلفاً! ولكن الاحتمال يبقى فعلاً ضئيلاً جداً!
في الواقع، لا آموس هوكشتاين، ولا إيف لودريان، ولا غيرهم من الموفدين الى لبنان والى إسرائيل يملكون عصا سحرية!
وعلى الرغم من ضرورة التخاطب، ولو غير المباشر، فإن اندلاع الحرب أو عدم اندلاعها بين إسرائيل وحزب الله مرتبط بالتطور العسكري الميداني، وخاصة بتأمين عودة المستوطنين الى «قراهم» في شمال إسرائيل، وتأمين أمنهم على المدى البعيد! وطالما ليس هناك إجابة سياسية واضحة على هذه المسألة، فالجواب العسكري واضح… جداً!
المصدر: سمير سكاف – اللواء