مع أن زيارته للبنان جاءت وسط ارتفاع مستويات خطر الحرب إلى سقوف غير مسبوقة، بدا الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين كما مع المعارضة النيابية مراهناً بشدة على اجتماعات الدوحة اليوم وغداً لإحداث اختراق في غزة سيتمدّد حكماً على جنوب لبنان. لم يزر هوكشتاين بيروت ناقلاً أي تحذيرات، أو أي معطيات مفاجئة، كما كشف لـ”النهار” مصدر بارز كان من ضمن الشخصيات التي التقت مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن إلى لبنان وإسرائيل، بل جاء بنفحة إيجابية ناصحاً بشدة العمل بكل ما يمكن لتجنّب التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل موحياً بأن اجتماعات غزة ستكتسب أهمية كبيرة وأن واشنطن ترمي بثقلها لإنجاح الحل الديبلوماسي في غزة وتجنّب اتساع الحرب ولا تريد للبنان الإنزلاق إلى أي تصعيد يهدد باشعال حرب واسعة.
وإذ سمع الموقف الرسمي المعروف بالنسبة إلى التزام القرار 1701 كمفتاح وركيزة أساسية للتهدئة وإطلاق المفاوضات حول الشقّ الحدودي البري، شدّد هوكشتاين على محورية القرار 1701 علماً أن من المؤشرات الداخلية البارزة التي تزامنت مع زيارة هوكشتاين واكتسبت دلالات مهمة لجهة تهيؤ لبنان لملاقاة تسوية، لاحت معطيات إيجابية مبدئياً حيالها، كانت موافقة مجلس الوزراء المبدئية أمس على شروع قيادة الجيش في الخطوة الأولى من خطتها لتطويع ستة آلاف جندي إضافي لزيادة عديد الجيش في منطقة العمليات التي يلحظها القرار 1701 وذلك بدءاً بتطويع 1500 جندي.
وعلمت “النهار” أن هوكشتاين طلب المزيد من التهدئة في لبنان والمنطقة ولو أنه لم يطلب بطريقة غير مباشرة عدم إقدام “حزب الله” على تنفيذ ردّه على إسرائيل. وفي رأيه أن البوارج الأميركية التي حضرت الى المتوسط جاءت لمنع نشوب حرب كبرى. ولم يدل بأنها ستستهدف الأراضي اللبنانية.
وفي تطور يعكس اندفاع الديبلوماسية الغربية لمنع الحرب، أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين أن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه يصل إلى بيروت بعد ظهر اليوم بعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وقبله وزير الخارجية البريطاني. وأكدت زيارة هوكشتاين للجانب اللبناني ضرورة اقناع “حزب الله” بعدم تصعيد المواجهة مع إسرائيل من أجل تجنيب لبنان الدمار وتدهور الاقتصاد، وأكد أن محادثات الدوحة حول الهدنة في غزة ستأخذ بضعة أيام. أما الوزير الفرنسي، فقرر زيارة لبنان بعدما كان في اجازة وكانت باريس تعوّل عليه للقيام بزيارة إلى لبنان والمنطقة في هذه الظروف فقرر قطع اجازته والتوجه إلى لبنان لنقل الرسائل نفسها والتوصية بالهدؤ ومنع التصعيد إلى لبنان.
“استمر طويلا”
وكان هوكشتاين أدلى ببيان عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري جدّد فيه القول “إننا نؤمن بأن النزاع قد إستمر لفترة طويلة، وأن حلاً ديبلوماسياً ممكناً وملحّاً بات ضرورياً وذلك كان صحيحاً في حزيران (يونيو)، وللأسف ما زال صحيحاً اليوم”. وأضاف: “ما زلنا نؤمن بأن الحل الديبلوماسي ما زال ممكناً الوصول إليه لأننا نعتقد ونؤمن أن لا أحدَ يريد حرباً شاملة بين لبنان وإسرائيل، ونعرف أن الصراع بين الطرفين قد تصاعد منذ آخر زيارة إلى لبنان. لقد تحدثت مع الرئيس نبيه بري عن الوضع في لبنان والحاجة إلى خفض التصعيد عبر الخط الأزرق وفي المنطقة”. وقال: “الرئيس بايدن يعمل من دون كلل للقيام بذلك ويركز عمله أيضاً للوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وطلب مني العودة إلى لبنان قبل معاودة المفاوضات، وتحدثت مع الرئيس بري عن الإتفاقية المطروحة على الطاولة حول وقف إطلاق النار في غزة وأعتقد أننا توافقنا أنه لم يعد هناك وقت أو أعذار من أي طرف لتضييع الوقت وأن الوصول الى الصفقة سوف يساعد أيضا في إيجاد حل ديبلوماسي هنا في لبنان وذلك سيمنع من حصول إنفجار أو حرب أوسع، وبالتالي الإتفاق سيخلق الظروف المناسبة لعودة النازحين الى منازلهم وسيتمكن الجانبان من العيش بأمان على طرفي الحدود. علينا الإستفادة من هذه النافذة في العمل الديبلوماسي والحل الديبلوماسي والوقت لذلك هو الآن”.
وأشار إلى أنه “كلما مرّ الوقت بالتصعيد والتوتر والنزاع اليومي كلما تصبح إمكانية حصول حوادث يدفع ثمنها المدنيون وقد تخرج الأمور عن السيطرة، لذلك الوقت الآن هو للعودة إلى الإتجاه الصحيح، رسالتي للشعب اللبناني واضحة وهو ما قاله الرئيس بايدن مؤخراً، العودة إلى المفاوضات كسبيل ملحّ لوقف إطلاق النار في غزة واطلاق سراح الاسرى ووضع حد لما يجري، وهنا في لبنان نحن نؤمن وبحاجة للوصول إلى نهاية لهذه الأزمة اليوم، وموقفنا لا يؤيد ربط الأزمات في المنطقة، ولكننا ندرك ونفهم أنه علينا العمل سوياً لوضع حد للنزاع في قطاع غزة”.
اما بري، فجدد “التأكيد والمطالبة بضرورة وقف الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة ولبنان، مبدياً قلقه الشديد من الخطوات التصعيدية التي تقدم عليها المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية من خلال سياسة الإغتيالات العابرة للحدود سواء ما حصل في العاصمة الإيرانية طهران أو العاصمة اللبنانية بيروت ناهيك عن سلسلة المجازر الاسرائيلية اليومية التي ترتكب بحق الأطفال والمدنيين في قطاع غزة ولبنان. وجدّد تأكيد تمسك لبنان بالتمديد لمهام قوات اليونيفل وفقاً لمنطوق القرار الأممي 1701 الذي يطالب لبنان بتطبيقه كاملاً منذ اللحظات الاولى لصدوره عام 2006”.
كما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شدّد خلال لقائه هوكشتاين على “ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وتهديداتها وأن مدخل الحلّ هو في وقف اطلاق النار في غزة، وتطبيق قرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 1701 الذي يضمن استقرار الجنوب”.
والتقى هوكشتاين في مجلس النواب وفدا من نواب المعارضة ضم الياس حنكش جورج عدوان، فؤاد مخزومي وميشال الدويهي.
وأوضح عدوان أن النواب أبلغوه “أننا ضد توسيع الحرب والذهاب الى تصعيد أكبر ويجب أن نضع كل جهدنا لعدم جر لبنان الى حرب هو بغنى عنها ونحن ندعم أي مسعى بهذا الاتجاه. وقرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة ومُتخذ انطلاقا من مصلحة لبنان ولبنان فقط ولا يمكن ربط مصلحة البلد وكل اللبنانيين بأي مصلحة أخرى”.
تصعيد
وفي غضون ذلك استمرت التطورات التصعيدية الميدانية إذ أغارت مسيرة إسرائيلية على سيارة قرب مفترق بلدة العباسية مدخل صور ما أدى الى سقوط 17 جريحا بينهم اربع حالات حرجة. واعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة عدد الجرحى وتم توزيعهم على مستشفيي جبل عامل وحيرام.
وفي المقابل، اعلن “حزب الله” انه “رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على بلدة العباسية وإصابة المدنيين فيها قصف مستعمرة كريات شمونة بِصليات من صواريخ الكاتيوشا”.
وافادت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن سقوط قذائف صاروخية في كريات شمونة على الحدود مع لبنان فيما افادت القناة 12 الإسرائيلية عن إصابات مباشرة وسط مدينة كريات شمونة. كما اشارت إلى أن بلدية كريات شمونة طلبت من الإسرائيليين البقاء قرب الأماكن الآمنة. وأفاد إعلام إسرائيلي عن اصابة فرع بنك “لئومي” بعد استهدافه بصاروخ بشكل مباشر في كريات شمونة.
ومساء استهدفت مسيرة إسرائيلية للمرة الأولى منذ بدء المواجهات سيارة في ساحة جديدة #مرجعيون وأفاد مركز طوارئ الصحة العامة ان الغارة أدت الى سقوط قتيلين و٤ جرحى في حال حرجة.
المصدر: النهار