موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني، ينشر مقالاً لسعيد ماركوس تينوريو، وهو مؤرخ ومتخصص في العلاقات الدولية، يتحدث فيه عن قدرة “إسرائيل” على مواجهة حزب الله وشنّ حرب على لبنان.
وجاء في نص المقال: لا تكفّ آلة الدعاية الإسرائيلية عن خلق الشعارات لمحاولة خداع العالم بشأن القوة العسكرية والمعنوية المفترضة لقواتها المسلحة. لقد زعموا بالفعل أنّ الجيش الإسرائيلي هو “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، و”الجيش الأفضل تدريباً في العالم”، و”الوحش الفولاذي الذي لا يقهر”.
إلا أنّ هذه الأكاذيب الصهيونية تضعف معنوياتها يوماً بعد يوم، بفعل الإخفاقات الذريعة لآلتهم العسكرية في غزة وعلى الجبهة الشمالية، حيث تفرض المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني هزائم متتالية على “إسرائيل”، وتعزز استنفاد خطط العمليات القائمة على القوة العسكرية المفرطة، وتدمير البنية التحتية، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
وأعلن حزب الله أنّ أعماله في شمال فلسطين المحتلة هي لإلهاء قوات العدو والضغط عليها لوقف العدوان على قطاع غزة من خلال استخدام تكتيك عسكري حديث يتمتع بمرونة عملياتية عالية وإيقاع قتالي ثابت، بحسب الأهداف التي حددها الأمين العام السيد حسن نصر الله في 3 تشرين الثاني.
“إسرائيل” مسؤولة عن كارثة لا توصف، إذ فشلت في تحقيق النصر الشامل الذي وعد به نتنياهو. فهي لم تقضِ حركة حماس في غزة، ولم تسترد الأسرى الإسرائيليين. بل على العكس من ذلك، فإلى جانب الهزيمة العسكرية والسياسية والأخلاقية في غزة، تخسر “إسرائيل” شمال فلسطين المحتلة بتدمير مواقعها العسكرية، وإجلاء أعداد كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين.
منذ ثمانية أشهر تشنّ “إسرائيل” حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستخدمة كل ما لديها من إمكانيات وكل أنواع الأسلحة والذخائر والقنابل المحرمة دولياً، وتقصف بشكل عشوائي المدارس والمستشفيات والمناطق المحمية بالقانون الدولي الإنساني.
لقد أذلّت المقاومة الفلسطينية “إسرائيل” بما قامت به في 7 تشرين الأول، عندما سيطرت على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية ليوم كامل بشكل غير مسبوق. “طوفان الأقصى” هي المواجهة التي كان لا بد منها ضد العدو، وجاءت في وقتها المناسب، وهي الرد الذي كان لا بد منه بعد 76 عاماً من الاحتلال. الحرب على غزة هو وضع لا مخرج فيه للكيان الصهيوني منه. لقد كانت ضربة حاسمة، جرح لن يلتئم ولن تستطيع حتى الإمبريالية إنقاذ “إسرائيل”.
في الأسابيع الأخيرة توالت انتقادات من قادة عسكريين ومحللين صهاينة سابقين حول عدم قدرة “إسرائيل” على الرد المناسب، لا على حماس ولا على حزب الله. فبينما تتمتع المقاومة اللبنانية بقدرات الدفاع عن لبنان بشكل مستقل، بما تمتلكه من آلاف الصواريخ الدقيقة القادرة على تدمير أهداف استراتيجية في أي مكان في “إسرائيل” في ثوانٍ، فإن الصهاينة لا يملكون في ترسانتهم الأسلحة اللازمة لحرب مع حزب الله.
يبدو أنّ “إسرائيل” لم تتعلم ولم تستخلص الدروس من إخفاقات 7 تشرين الأول، خصوصاً مع التدهور المقلق للجيش المنهك مع انخفاض معدل التجنيد، والافتقار إلى الانضباط والمنظور أو الاستراتيجية السياسية، وأيضاً في ظل العزلة الدولية لـ “إسرائيل”، المرفوضة والمستبعدة من كافة محافل وأجزاء العالم.
تعلم “إسرائيل” أنّه لا أمل في تحقيق نصر مطلق في غزة، وأنّ مغامرة واسعة النطاق ضد لبنان قد تكون نهايتها، ويعلم قادتها أنّ الوضع يزداد سوءًا في الشمال، حيث يفقد “الجيش” الإسرائيلي باستمرار قدرته العسكرية مع تدمير أجهزة المراقبة والتجسس والعديد من بطاريات نظام القبة الحديدية.
هناك العديد من المخاطر التي تهدد استمرار اسرائيل، ومغامرة إسرائيلية على الأراضي اللبنانية ستكلف ثمناً باهظاً من خسائر بشرية واقتصادية، تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي إذا هاجم حزب الله المنشآت الصناعية، وخاصة شركات التكنولوجيا، التي تدر مليارات الدولارات سنوياً.
إنّ الهجوم على لبنان سيتسبب في كارثة لوجود “إسرائيل”، التي أثبتت بالفعل عجزها عن شن حرب واسعة النطاق ضد عدو أقوى من حماس، يتمتع بقدرة عسكرية كبيرة، ومقاتلين مسلمين ومسيحيين مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل قضية تقوم على العدالة ومكافحة الظلم.
وإضافة إلى كل هذا، هناك أزمة حالية تواجه الحكومة الإسرائيلية، تتمثل في استقالة أربعة أعضاء، من بينهم رئيس حكومة الحرب، بيني غانتس في يوم واحد. وكان قد دعا لإجراء انتخابات لتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يمثل ضربة قاسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
اضغط هنا وقم بتحميل تطبيقنا الإلكتروني للوظائف والأخبار على مدار الساعةالمصدر: الميادين