هل يُنتخب رئيس الجمهورية من مجلس نيابي جديد؟
عند الحديث عن المصاعب التي تعتري انتخاب رئيس للجمهورية واصطدام الطرفين بحائط الكتل المتحركة داخل المجلس النيابي، وفي ضوء التباينات الخارجية التي تحول دون التوافق على مرشح قادر على جمع الكتل، يعود طرح فكرة حل المجلس النيابي الى الواجهة كعنوان يمكن العمل عليه لكسر الجمود والتعويل على ما يمكن أن ينتج عن ذلك من تكتلات نيابية تحسم مسألة الثلثين أو النصف زائدا واحدا.
ولكن ما كل ما يُحكى أو يتم التصريح عنه يمكن أن يكون قابلا للتطبيق، خصوصا في لبنان الذي يشهد أزمات على مختلف المستويات وأي خلل في مؤسساته الدستورية قادر على الاطاحة بالدولة وخلق المزيد من الفوضى والانهيار.
وما اعطى بعض الجدية لهذه الفكرة اصرار نائب رئيس الحكومة الياس بو صعب عليها نظرا لاطلاعه على الخفايا التي تدور في غرف القوى السياسية المغلقة ومقرب أيضا من الرئيس نبيه بري ويناقش معه الافكار التي يأخذ بعضا منها بري في حال كانت مساعدا للمشروع الذي يعمل عليه.
في السياق، لا تخفي مصادر مقربة من عين التينة أن تكون الانتخابات النيابية المبكرة ورقة قد يكشفها الرئيس نبيه بري في وقت لاحق في حال وصل الاستحقاق الى أُفق مسدود، ولكن المسألة بحسب المصادر ليست بهذه السهولة خصوصا وان الدستور اللبناني كان واضحا في الحالات التي يمكن فيها حل المجلس ضمن الفقرة الرابعة من المادة 64 او المادة 77، ولكن مع الشغور الرئاسي وفي ظل حكومة تصريف أعمال يُستحسن اللجوء الى الاجتهاد أو الاتفاق بين الكتل على الاستقالة.
وهنا ايضا لا يوجد نص دستوري يعتبر أنّ المجلس مُنحلّ مهما كان عدد النواب المستقيلين، ولكن منطق المراجع الدستورية يشير الى انه حين يفقد المجلس نصف أعضائه لا يُمكنه الإنعقاد لأنه فقد النصاب. الا ان الرئيس بري يتريث في طرح أي مبادرة جديدة في ضوء الانتكاسة التي تعرضت له دعوته الى الحوار، كذلك معرفته المسبقة بمعارضة الخارج لمثل هذا الطرح، وهنا تتوقف مصادر نيابية معارضة عند الحالة العامة التي قد تنتج عن هذه الخطوة في ضوء ازمة الفراغ التي يعيشها البلد، وسط مخاوف جدية من عدم قدرة القوى السياسية على تنظيم انتخابات نيابية جديدة ولو اتفقت فيما بينها على هذه الخطوة، اذ أن الوقت لا يسمح بحل مجلس نيابي واعادة انتخاب آخر في غضون أشهر قليلة، لافتة الى ان ما تطرحه الدول المعنية بالملف اللبناني واضح وهو الاتفاق على خيار رئاسي جديد بسقف زمني لا يتجاوز الثلاثة أشهر، وإلّا فإن أي تلويح بانتخابات نيابية مبكرة من قبل طرف الثنائي يصبح من دون جدوى لأن الوضع الاقليمي والدولي لا يسمح بمزيد من الفرص الضائعة على المستوى الداخلي، ومن الافضل اختصار المبادرات والاتجاه نحو الخيار الرئاسي الثالث الذي تحدث عنه المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان.
والاخطر في حال تم الاتفاق بين القوى الرئيسية في البلاد على اعادة انتاج مجلس نيابي جديد، هو تداعيات هذا الاستحقاق على المستوى الداخلي، فالحالة الامنية هشة كما الوضع الاقتصادي والمالي الذي بشرنا به حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري في تصريحه الاخير، ودخول النزوح السوري على الخط كعامل خطير قد يطيح بالصيغة اللبنانية، كلها عوامل غير مساعدة على اعادة انتاج برلمان جديد ومن الاجدى برأي المصادر إختصار الطريق والاتفاق على رئيس للجمهورية قبل نهاية العام وعلى حكومة قادرة على تحمل الاعباء وعلى طرح حلول سريعة تتعلق بملف النزوح وبالوضع المالي والاقتصادي في البلاد قبل فوات الاوان.
ليبانون فايلز