الفراغ أفضل من إنتخاب رئيس؟
تتعامل القوى السياسية كافة، على طرفي النزاع، مع الإستحقاق الرئاسي، على قاعدة أن الفراغ واستمراره أفضل من إنتخاب رئيس يخالف توجهاتها السياسية، الأمر الذي سيؤدي الى مماطلة إضافية في عملية الإنتخاب وإلى عدم الوصول الى أي تسوية أو حل وسط يساهم في وضع حد للفراغ، وهذا ما تجاهر به بعض القوى وتخفيه قوى وأطراف سياسية اخرى.
فقائد القوات اللبنانية سمير جعجع قال الاحد الفائت” نتحمل الفراغ لسنوات ولا نتحمل فسادهم وسرقاتهم صفقات جانبية يسمونها حوارا ما هي إلا خزعبلات…”، ليرد عليه وليد جنبلاط بالامس” في ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهّلون موضوع الانتخابات الرئاسية”.
فهل فعلاً الفراغ أفضل من إنتخاب رئيس بالنسبة لهذه القوى أم أن حساباتها السياسية خاطئة؟ وهل يمكن الرهان على مرور الوقت لكي يحسّن هذا الفريق السياسي شروطه التفاوضية في المعركة الرئاسية أم إن الوقت ومروره سينقلب على الجميع وسيصبح دورهم هامشيا في إختيار الرئيس المقبل للبنان، وسيكون الدور الخارجي هو الأكثر تأثيراً وفاعلية في كل الإستحقاقات المقبلة؟.
ترى بعض الأوساط المعارضة بأن القبول برئيس جديد متحالف مع “حزب الله” سيشكل خسارة إستراتيجية للفريق المسيحي في لبنان وسيكرس فكرة أن الحزب هو اللاعب الأول في إنتحاب الرئيس وهذا سيضعف الدور المسيحي في لبنان، وبالتالي فإن الفراغ أفضل من القبول والتسليم لنفوذ الحزب، لكن في المقابل لا تبدو هذه المقاربة خالية من مخاطرة هائلة ستنتج عن الفراغ.
فغياب الرئيس المسيحي يكرّس بما لا يقبل الشك إمكانية عمل الحكومة ورئيسها بكامل صلاحياته من دون الإلتفات الى الفراغ في قصر بعبدا، فالأولوية اليوم هي لحاجات الناس في ظل الأزمة الحالية، كما أن مراهنة القوى المسيحية على الوقت، سيؤدي تدريجيا إلى إفراغ المراكز المسيحية الأساسية من حاكمية مصرف لبنان التي بات يرأسها شيعي بالإنابة، وقيادة الجيش لاحقا وغيرها…
من هنا، يصبح التفاوض، بعد حصول إنهيار كبير او فوضى إجتماعية أصعب على الاحزاب المسيحية، خصوصا أنه قد تأتي القوى الاسلامية لتحاول تكريس أعراف حصلت خلال الفراغ، ان لجهة مذهبية المناصب او لناحية الصلاحيات الدستورية. لذلك فإن انتخاب أي رئيس قد يكون أفضل من الفراغ، خصوصا أنه حتى لو كان الرئيس متحالفاً مع الحزب فهو غير قادر على تجاوز وضعيته المسيحية في القضايا المرتبطة بالحضور في الادارة والدولة.
في المقابل، ترى مصادر من “قوى الثامن من اذار”، أن الوقت سيصب في مصلحة الفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وعليه فإن الفراغ ليس مزعجاً كما يتوقع البعض، بل يمكن التعايش معه إلى حين حصول تطورات إقليمية تفرض على الفريق الآخر القبول بمرشح “حزب الله” الرئاسي. لكن هذه المقاربة دونها مخاطر ايضا، على إعتبار ان تسارع حدة الانهيار المتوقع في المرحلة المقبلة لن يكون لصالح الحزب تحديدا.
اذا ان الحزب الذي سيفاوض بعض الدول المهتمة بالشأن اللبناني في المرحلة المقبلة، سيكون في موقف أضعف في حال زاد حجم الازمة الاقتصادية والاجتماعية في بيئته، وسيكون مضطرا من أجل تسريع التسوية حينها، لتقديم تنازلات تطال قضايا كبرى وليس تنازلاً رئاسيا فقط….
لبنان 24