باسيل .. فليستلموا الدولة من فوق و”التيار” يستلمها من تحت
جريا على عادته، يسعى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وعلى غرار ما فعل في السنوات الماضية، إلى اللعب على حافة الهاوية، إذ أن ما يدفعه الان إلى فتح كوة للتراجع عن موقفه من الاستحقاق الرئاسي وإبداء الاستعداد للموافقة على المرشح الوزير السابق سليمان فرنجية وإن لم يسمه بالاسم، ربما لإدراكه أن المرحلة المقبلة بدءا من أيلول المقبل ستشهد اندفاعا من قبل اللجنة الخماسية لإيجاد توافق حول اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، وربما في حساباته يخشى من دور ما لرئيس مجلس النواب نبيه بري في الضغط على حزب الله لإقناعه بالموافقة على العماد عون، وإن كان هذا الأمر من حيث المبدأ مستبعداً إلا أنه كفرضية تثير القلق لدى نائب البترون.
قال باسيل في العشاء الخاص ب”التيار” في المتن الشمالي “أعطونا سلفاً اللامركزية الموسعة والصندوق الإئتماني وخذوا أكبر تضحية منا على ست سنوات”. وقال: أي حوار لإضاعة الوقت أو تشتيت الجهد هو غير مقبول ومرفوض من قبلنا. وأيّ حوار جدّي ويؤدّي إلى نتيجة فعلية هو مرغوب ومطلوب، شرط أن يتحدّد برنامج واضح، وبمدّة زمنية محدّدة وبنهائية واضحة للحوار”.
وتحاشياً للسيناريو الأشد سوءا بالنسبة إلى التيار الوطني الحر(تسوية حول انتخاب قائد الجيش)، يفتح باسيل الباب أمام الخيار السيء والذي هو الموافقة على انتخاب فرنجية، لكن في مقابل مجموعة من الشروط التي يقدمها لإصلاح الدولة وبنائها، علماً أن المقصد الحقيقي لباسيل من وراء هذه المطالب، بحسب مصدر سياسي بارز لـ”لبنان24″ ليس فقط إقرارها كقوانين، إنما أيضاً المطالبة بأن توضع في عهدة “التيار” الوطني الحر، وفي طليعتها وما لم يذكره علناً أن تبقى وزارة الطاقة في عهدة “التيار الوطني الحر” على مدى ولاية الرئيس المقبل.
أما الصندوق الائتماني، فإذا كان يقصد به الصندوق السيادي الخاص بالنفط والغاز فإن اللجان في المجلس النيابي قطعت شوطاً في إنجاز مسودة هذا القانون وهي تمكنت من تجاوز الخلافات بين الكتل باتجاه صيغة موحدة، لذلك فإن اقرار الصندوق السيادي، بحسب المصدر، مسألة وقت ولا حاجة إلى تحويلها لشرط خاص ب”التيار الوطني الحر”، إلا إن كان المقصود بهذا الشرط أن توضع إدارة الصندوق في عهدة من يسميه باسيل. أما إذا كان المقصود بذلك صندوق التعافي المالي واستعادة الودائع فإن خطة الحكومة تتضمن الدعوة إلى تأسيس هذا الصندوق ومن حيث المبدأ، فإن النقاشات التي شهدها البرلمان على مدى الفترة الماضية سلمت بالحاجة إلى تأسيس هذا الصندوق الذي يتضمن استثمارات في مؤساسات الدولة المنتجة وتوظيفات من دون بيعها، مع إشارة المصدر إلى أنه لا يمكن إقرار هذا الصندوق بمعزل عن إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي، والسؤال نفسه يطرح بخصوص هذا الصندوق ما إذا كان المقصد الحقيقي لباسيل من خلال قوله “اعطونا الصندوق الائتماني” أي أن تسلم ادارته لمن يسميه “التيار الوطني الحر”.
وفي ما خص اللامركزية الادارية والمالية، فيبقى موضوعا إشكالياً من حيث اللامركزية المالية، يقول المصدر نفسه، ذلك أن اتفاق الطائف يتحدث عن اللامركزية الادارية الموسعة ولا يشير بأي شكل من الاشكال إلى “المالية” التي تثير حساسية خاصة لدى المكونات الاسلامية، إذ ثمة خشية، فضلا عن أنها تجاوز للطائف، من أن تشكل معبراً إلى اللامركزية السياسية، وهذا ما يدغدغ مخيلة باسيل.
في مطلق الأحوال، يبدو باسيل وكأنه يريد العمل وفق قاعدة “فليستلموا الدولة من فوق و”التيار” يستلمها من تحت”، بحسب المصدر نفسه، إذ أن مركز الثقل المالي والاقتصادي في المرحلة المقبلة المديدة من عمر لبنان سيتركز على إدارة الثروات النفطية والغازية وعلى إدارة المحفظة المالية العملاقة التي سيشكلها صندوق التعافي المالي والاقتصادي واستعادة الودائع عند تشكيله.
المصدر: لبنان 24