بتنا في عصر الصور والفيديوهات. ننشرها في كلّ “ضهرة” و”سهرة” وكلّ “قعدة” وكلّ لحظة. ننشر صوراً لأدقّ تفاصيل حياتنا، لأطفالنا، لأجدادنا، لحيواناتنا، لأماكن نزورها، لـ”الإلو عازي والما إلو عازي”. ولكن ما ننشره يعرّضنا وأطفالنا خصوصاً، لخطر قد نجهله.
بعض الأهل يفتحون حسابات لأطفالهم، منذ الأشهر الأولى، يوثّقون بالتواريخ لحظات ومراحل نموّهم. ولكن لم يعد يقتصر نشر الصور والفيديوهات على الأهل فقط إنّما بات الأطفال من عمر صغير جدًّا لديهم حسابات على مواقع التوصل الاجتماعي وهم مَن ينشرون مِن دون أي رقابة من الأهل. وهذا تحديداً خطر كبير.
في هذا السياق، يؤكّد الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم أنّنا نعيش في عصر بتنا مراقبين 24/24 من خلال الكاميرات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي الموجودة في المطارات والمجمّعات التجارية وغيرها من الأماكن وكلّ المعلومات بيومتريّة كتحديد الوجوه (face recognition) والأصوات. وهذا أصلاً يُشكّل خطورة علينا. وما يزيد هذه الخطورة هو المضمون الذي يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول أبي نجم لموقع “mtv”: “لذلك على الأهل أن يقوموا بالرقابة الأوّليّة على ما يُنشر عن أطفالهم أو ما ينشروه هم بأنفسهم كي لا تُسبّب هذه الصور أو الفيديوهات في يوم من الأيّام الإحراج أو التنمّر للطفل، ما يُدمّر نفسيّته”. أمّا الأخطر من ذلك، وفق الأخير، فهو استخدام هذه الصور أو الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي إذ هناك عدّة تقنيّات وكلّها خطرة من تقنيّة تزييف الصوت إلى تزييف الصور والـdeep fake أي تزوير الفيديوهات. وقد بدأنا نشهد، في عدد من الدول كالولايات المتحدة مثلاً، أن عصابات تراقب أشخاصاً ينشرون صوراً أو فيديوهات لهم في أماكن معيّنة ويقومون بابتزاز الأهل من خلال تزوير الصوت مثلاً أو من خلال تزوير الصور لأمور منافية للأخلاق وابتزازهم بنشرها”.
لا يقتصر الوضع على ذلك فقط، فأطفالكم قد يكونوا عرضة لـchild pornography! كيف؟ “هناك عصابات تقوم باستخدام الصور والفيديوهات بهدف نشر مواد إباحية (child pornography)، وهذه العصابات تحقّق أرباحاً كبيرة من جراء ذلك” يقول أبي نجم، مضيفاً: “لا نزال في المراحل الأولى وبداية الذكاء الاصطناعي ولذلك نجهل كم يُمكن أن تكون خطيرة مع تقدّم الوقت لجهة دقّة التزوير وسرعته لدرجة أن البعض قد يصبح غير قادر على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيّف”.
كيف يمكن أن نحمي أطفالنا إذاً؟
ينصح أبي نجم الأهل بعدم نشر صور أو فيديوهات قد تسبّب إحراجاً لأطفالهم يوماً ما وألا ينشروا أماكن تواجدهم من خلال الـcheck in مثلاً والابتعاد عن نشر real time information، قائلاً: “حاولوا عدم نشر أي شيء يُظهر بياناتكم أو بيانات أطفالكم كنشر شهاداتهم أو باسبوراتهم مثلاً. وفي حال أي عملية ابتزاز تأكّدوا أوّلاً من ألا يكون الصوت والصور أو الفيديوهات مزوّرة”.
في السابق كنّا نقول إنّنا لن نُصدّق شيئاً إلا إذا شاهدناه بالصوت والصورة أمّا اليوم فحتى لو رأيناه بالصوت والصورة يجب ألا نُصدّق إلا بعد التأكّد. ولأنّنا في عصر يُعاد إحياء فيه الميت بفيديو، لا تُسبّبوا الأذى لأطفالكم عن قصد أو عن غير قصد. وأبعدوهم عن السلاح الذي قد يقتلهم!