كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
كشفت مصادر المجلس المركزي لمصرف لبنان عن توجه لاستقالة نواب الحاكم رياض سلامة الأربعة مطلع الأسبوع المقبل، أي قبل نحو أسبوعين من انتهاء ولاية سلامة.
وأشارت المصادر في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، إلى أن “الهدف من الاستقالة تخفيف وطأة المسؤولية” عنهم، على أن يتولوا تسيير المرفق العام بطلب من وزير المال حتى تعيين حاكم جديد لـ”المركزي”. وأضافت المصادر: “تسيير الأعمال سيربطه النواب الأربعة بمجموعة طلبات مرتبطة بمنصة صيرفة وتشريع الصرف من الاحتياطي الإلزامي وعدم التدخل بعملهم”.
وكان نواب الحاكم أصدروا بياناً يوم الخميس الماضي، طالبوا فيه بتعيين حاكم جديد خلفاً لرياض سلامة، ملوحين بالاستقالة. لكن ومع اصطدام محاولات رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتعيين حاكم جديد باعتراض مسيحي عارم، كما برفض “حزب الله” تغطية مثل هذا التعيين وفق الظروف الحالية، أعلن ميقاتي عبر “الشرق الأوسط” الاثنين، أن “الحل لملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان فور انتهاء ولاية سلامة يكمن في تطبيق القانون الذي يسمح لنائبه وسيم منصوري بالقيام بالمهام الموكلة إليه”، موضحاً أنه في حال استقالة نواب الحاكم فإن وزير المال “سيطلب منهم الاستمرار في تسيير المرفق العام، وهذا ما ينطبق على مصرف لبنان”.
إلا أن مبدأ “تسيير الأعمال” في “المركزي” سيكون “سابقة” بحسب الخبير القانوني والدستوري الوزير السابق زياد بارود، “وهو لا شك سيكون صعباً، لأن هناك قرارات يفترض أن تتخطى تصريف الأعمال. أضف إلى ذلك أن مصرف لبنان هو سلطة نقدية ومؤسسة ذات طبيعة خاصة وهيئة ناظمة وليس مجرد إدارة في الدولة. كما أن قانون النقد والتسليف يعطيه شكلاً قانونياً يختلف عن الأشكال التقليدية، وبالتالي نواب الحاكم لا يمكن معاملتهم كأنهم يخضعون لقانون الموظفين في الإدارات والمؤسسات العامة”.
ويشير بارود إلى أن “الاستقالة حق للنواب، لكن الأخطر على مستوى التداعيات ستكون استقالة النائب الأول الذي ينص قانون النقد والتسليف على تسلمه مهام الحاكم، ولا يحيل هذه المهمة لبقية النواب في حال استقالة النائب الأول”، معتبراً أنه “حسناً فعل ميقاتي بعدم السير بتعيين حاكم جديد الذي لا يندرج بإطار صلاحيات حكومة تصريف الأعمال أو بالتمديد للحاكم الحالي عبر وزير المال، لأنها ستكون البدعة الأخطر”. ويضيف: “يحق لنواب الحاكم مطالبة السلطة السياسية بحماية من الملاحقات وبتأمين التغطية اللازمة لهم، لكن هذه السلطة لن تكون قادرة على ذلك، لأنها عبارة عن مجموعة سلطات خائفة وتعيش في ضياع. كما أن المطالبة مثلاً بتشريع يسمح لهم بالصرف من الاحتياطي الإلزامي لتثبيت سعر الصرف قد لا تكون متاحة، خصوصاً أن هذه العملية أصلاً القائمة في المركزي من دون تشريع تطرح أكثر من إشكالية”.
بدوره، يوضح الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك، أنه “استناداً لقانون النقد والتسليف، بعد انتهاء ولاية حاكم المركزي يفترض على النائب الأول أن يتسلم مهام الحاكم في حال الشغور. لكن وفي حال أصر نوابه الأربعة على الاستقالة، فذلك لا ينفي عنهم المسؤولية بتسيير أعمال المرفق العام وتصريف الأعمال حتى تعيين حاكم جديد”. ويشدد في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، على أنه “ليس باستطاعتهم ترك هذه المؤسسة وهذا المرفق دون أي مسؤول عنهم”. ويضيف: “لا شك أنه تحق لهم الاستقالة، لكن سواء قبلت الحكومة هذه الاستقالة أم لا، فالأمر سيّان، لأنه باستطاعة مجلس الوزراء أن يطلب من نواب الحاكم الاستمرار في العمل للحؤول دون تعطيل المرفق العام”.