تفاقم الأزمة السياسية والانقسام العمودي الذي يشهده لبنان يضعان البلد في أصعب مراحله مع الاستمرار بالشغور الرئاسي وتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية. ويبقى السؤال كيف سيكون مصير الاستحقاقات الداهمة وكيف ستتعامل حكومة تصريف الأعمال مع هذه الملفات التي على ضوئها يتحدد مصير البلد؟ فاما الاستمرار بالمراوحة وشلّ المؤسسات الواحدة تلو الأخرى أو من خلال اتخاذ خطوات جريئة لانقاد ما يمكن انقاذه قبل الانهيار الكامل.
في هذا السياق، دعت مصادر سياسية متابعة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية حكومة تصريف الأعمال الى عدم الوقوف مكتوفة الأيدي، معتبرة أن مسؤولية انقاذ المؤسسات تقع على عاتق الحكومة وبالتالي على الرئيس نجيب ميقاتي أن يتحمل مسؤولياته لأنه من غير المقبول بقاء البلد على هذه الصورة التي وصل اليها.
وقالت هذه المصادر: “لا شيء يمنع الحكومة من تعيين حاكم لمصرف لبنان وتعيين المجلس العسكري وقائد للأركان طالما أن لا شيء يوحي بحلّ قريب للأزمة”، متخوفة من بقاء الأمور على ما هي عليه لأن ذلك قد يؤدي الى انهيار البلد بالكامل وبعدها على لبنان السلام.
في المواقف، طالب النائب بلال الحشيمي الحكومة بأن تنجز بأقصى سرعة تعيين حاكم لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة.
الحشيمي وفي حديث مع “الأنباء” اعتبر “أننا أصبحنا دولة تتعامل مع الأمور المصيرية على القطعة ولا يمكننا أن نشرّع الفراغ لأن تشريعه يفرغ الدولة من كل الاستححقاقات وفي مقدمها رئاسة الجمهورية”.
بدوره، أكد النائب السابق أنطوان سعد عبر “الأنباء” أن الحكومة بامكانها أن تعيّن المجلس العسكري وقائد الأركان بالطريقة نفسها التي اعتمدتها لترقية الضباط، مضيفاً “بمجرد تعيين المجلس العسكري يتعيّن قائد الأركان”، مستشهداً بسابقة حصلت عندما تم اختيار قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، يومها عُيّن اللواء شوقي المصري قائداً للأركان واستمر سبعة أشهر بقيادة الجيش الى حين تعيين قائد للجيش وكل ذلك جرى وفق القانون.
من جهته، اعتبر النائب السابق شامل روكز في حديث لـ “الأنباء” أن امكانية تعيين حاكم مصرف لبنان غير واردة في الوقت الحاضر وعلى النائب الأول للحاكم أن يحلّ مكان الحاكم الحالي فور انتهاء ولايته لأن تعيينه نائب أول أتى على هذا الأساس، ولا يمكنه التهرّب من مسؤولياته. أما موضوع قائد الأركان فهو مختلف بوجود قائد الجيش الذي عليه أن يستمر بمهامه وعدم مغادرة لبنان الا بانتهاء مدته كقائد للمؤسسة العسكرية، املاً أن يتمكن النواب من انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية السنة، مستبعداً اقدام الحكومة على تعيين حاكم لمصرف لبنان لأن ميقاتي لا يريد أن يفتعل مشكلة مع الطائفة المارونية.
وتابع روكز “بكل الحالات الحل لكل المشاكل يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وبعد انتخابه يقوم بالاستشارات اللازمة لتشكيل الحكومة التي عليها أن تباشر بالتعيينات المطلوبة”، مستبعداً التوصل الى انتخاب الرئيس في ظل ما أسماه الانقسام العمودي الداخلي، لأن التعويل برأيه أصبح على الخارج، مبدياً أسفه لاعتماد ايحاءات خارجية لانتخاب الرئيس.
معضلة جديدة تضع البلاد على شفير خطر كبير قد يهدد ما تبقى فيه من مؤسسات، وسيكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية كبيرة، والايام الفاصلة ليست مفتوحة حتى موعد انتهاء ولاية حاكم المركزي في نهاية تموز الجاري.