ترتيبات مُغادرة سلامة شارفت على الإنتهاء… وهذا ما ينتظر لبنان نهاية أيلول
ليست الزيارة التي قام بها وسيم منصوري، النائب الاول لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الى واشنطن الاسبوع الماضي عابرة. فالرجل الذي صبت كل الخيارات عنده، مع تعذر تعيين حاكم جديد لـ»المركزي»، كان لا بد ان يحظى بغطاء اميركي قبل تولي مهامه. غطاء ما كانت واشنطن لتؤمنه، قبل ان تسمع تعهدات واضحة من منصوري لجهة التزامه بكل القوانين والمعايير الاميركية التي التزمها سلامة منذ عشرات السنوات، وتبنيه الى حد بعيد سياسات الحاكم الحالي، حتى تعيين حاكم جديد ينفذ سياسة انقاذية يفترض ان تضعها الحكومة اللبنانية بالتعاون والتنسيق مع البنك الدولي بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبالرغم من اصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على عدم اعلان موافقته حتى الساعة على تولي منصوري مهام سلامة، وتصوير هكذا موافقة وكأنها عملية تجرع كأس السم تحقيقا للمصلحة الوطنية العليا، خوفا من ان يتم تحميلهما (اي منصوري كما بري باعتباره مرجعيته السياسية) مسؤولية الاضطرابات الكبيرة المتوقعة عاجلا ام آجلا بسعر الصرف، الا ان مصادر واسعة الاطلاع تؤكد لـ»الديار» انه منذ اعلان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في ايار الماضي صراحة ان «الحزب ليس مع تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في هذه المرحلة، لان حكومة تصريف الأعمال لا تعيّن شخصًا في هذا المنصب»، كان قرار استلام منصوري مهام سلامة اتُخذ، خاصة بعدما استلم العميد الياس البيسري بالوكالة مهام مدير عام الامن العام، ما جعل سريان مبدأ المداورة ممكنا على وظائف الفئة الاولى، بانتظار انتخاب رئيس جديد للبلاد وانجاز التعيينات المطلوبة.
ما قبل اعلان السيد نصرالله هذا، كان هناك حديث جدي حول احتمال استقالة نواب الحاكم الـ4 او حتى اعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان، الذي يضمّ إضافةً إلى النواب الأربعة، مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان والمديرين العامين لوزارتي المال والاقتصاد، بهدف اجبار حكومة تصريف الاعمال عندها على تعيين بديل عن سلامة. هذا ما تؤكده مصاد المجلس المركزي لـ»الديار»، لافتة الى ان هذا الطرح سُحب من التداول خوفا من تداعياته على سعر الصرف، ولا احد مستعد لخوض هكذا مجازفة.
وتضيف المصادر: «بعد سقوط هذا الاحتمال، وقبله احتمال التجديد لرياض سلامة الذي دونه عقبات داخلية وخارجية كبيرة، لم يعد هناك احتمال الا استلام منصوري حاكمية مصرف لبنان بالوكالة. وحتى طرح تعيين سلامة كمستشار قانوني لضمان استمرار الاستقرار الحالي بسعر الصرف لأطول فترة ممكنة، سقط هو الآخر في ظل المواقف المتشددة في هذا المجال».
وفي الوقت الذي يبدو ان ترتيبات مغادرة سلامة شارفت على الانتهاء، تقر المصادر بوجود «وجهات نظر مختلفة بين اعضاء المجلس المركزي حول كيفية التعاطي مع بعض التعاميم بعد انقضاء ولاية سلامة كما مع منصة صيرفة، في ظل اعتبار الاكثرية انه آن اوان التخلي عنها»، الا انها تشدد في الوقت عينه على ان «امتلاك كل عضو رؤية مختلفة عن الآخر امر اكثر من طبيعي، ولا يهدد كما يشيع البعض بانقسام او بتداعي المجلس المركزي».
ولا تنكر المصادر ايضا ان «هناك خشية كبيرة من مرحلة ما بعد سلامة، باعتباره الممسك بالسوق وبكل الاوراق منذ عشرات السنوات، كما انه نجح بترويض الصرافين والمضاربين، ولا احد يمتلك قدرته و»وهرته «عليهم»، مشيرة الى ان «الاستقرار بسعر الصرف قد يستمر حتى منتصف او نهاية شهر ايلول، باعتبار ان اموال المغتربين والسياح التي تدخل وسوف تدخل البلد في الشهرين المقبلين كفيلة بالحفاظ على ثبات سعر الصرف حتى نهاية الصيف. اما بعد ذلك، فالوضع سيكون صعبا، والحفاظ على سعر الصرف ما دون الـ100 الف الارجح لن يكون ممكنا… كيف اذا تمدد الفراغ الرئاسي حتى ذلك الحين، وهو السيناريو المرجح حاليا!» وتختم المصادر: «بات الجميع على يقين ان هناك تفاهما ضمنيا بين القوى السياسية على وجوب تمرير الشهرين المقبلين بحد ادنى من الخلافات والاشكالات السياسية لضمان موسم اصطياف هادىء وسلس يضمن دخول المليارات التي باتت تشكل جرعة اوكسيجين اكثر من ضرورية للاقتصاد المتهالك. اما بعد الصيف فحديث آخر».